روبرت مالي: فشل الادارة الأمريكية

المقالات
كانون الأول 18، 2015

هنالك "معركة ضارية" تدور بين إسرائيل والفلسطينيين، هذا ما قاله روبرت مالي في بيان موجز في مركز التحليل السياسي ( صندوق القدس). ولم يكن مالي المساعد الخاص السابق للرئيس للشؤون العربية، يشير الى أعمال العنف الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، بل كان يتحدث عن " التفسيرات المتناقضة لما حدث" خلال السنوات السبع الماضية، او حتى فترة الستة أشهر من المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية. وركز في مناقشته على فشل الولايات المتحدة في عملية اوسلو والضعف الاستراتيجي للمفاوضين الفلسطينيين.

بدا مالي بالتحدث عن كيف ينظر الفلسطينيون والإسرائيليون الى فترة المفاوضات الأخيرة. بالنسبة للفلسطينيين "كانت نهاية سبع سنوات لم تقبل إسرائيل خلالها شرعية مطالبهم وضرورة تصحيح الخطأ التاريخي" ومن وجهة النظر الإسرائيلية فان الفلسطينيين " لم يقبلوا ضرورة المصالحة والتقسيم وحتى وجود دولة إسرائيل نفسها ". ويخشى مالي من ان الجانبين " سيعتبران تفسيراتهم على أنها الحقيقة والواقع، بحيث تصبح (هذه التفسيرات) بعد وقت قصير أموراً غير قابلة للنقد. وجهات النظر هذه تشكل مشكلة اذا وضعنا في اعتبارنا ان " البريق... الذي يسبغه الفلسطينيون والإسرائيليون على الماضي... يؤثر بشكل عميق"لأنه سيؤثر على " كيف يقررون ان يتصرفوا " الآن وفي المستقبل. 

من جانبها يجب على الولايات المتحدة ان تحدد دورها " ان لم يكن مستقيماً، فعلى الأقل أكثر استقامة". لأن الآراء بشان سبب فشل المفاوضات تعتبر حقيقة أكثر منها " مجرد تفسير". وقد أشار مالي الى سبعة أخطاء ليس على شكل قائمة شاملة وضعت من قبل الولايات المتحدة.

وبدأ بالقول " اعتمدنا كثيراً على جداول باراك الزمنية وتكتيكاته. وفي هذه الحالة " يجب على مانح القدرة ان يعتبر مذنباً مثله مثل متلقي القدرة " لان إسرائيل ما كان لها ان تتمكن من المضي قدماً بأفكارها "بدون ضوء أخضر" من الولايات المتحدة.

فعروض باراك بشان القدس والمستوطنات والقضايا العالقة الأخرى كانت " تلقي ترحيباً من قبل الولايات المتحدة غالبا بحماس غير مبرر. وكانت الولايات المتحدة تبني ذلك على المسافة التي خطتها إسرائيل، وليس " المسافة التي بقيت ... للوصول الى اتفاق مقبول" . وبحلول شهر كانون الأول كان الفريقان قد اقتربوا الى اتفاق أكثر من أي وقت مضى، ولكن مع حلول ذلك الوقت كانت معظم " مصداقية " باراك والولايات المتحدة قد ضاعت.

لقد كان على الولايات المتحدة ان تمارس ضغوطاً أكبر على إسرائيل والفلسطينيين.

"لقد كنا عديمي الثقة بشكل زائد" بفكرة تدخل أطراف ثالثة سواء أكانوا عرباً او أوروبيين. فالولايات المتحدة أصرت على ان تكون الوسيط الوحيد وليس الوسيط الرئيسي.

"لقد أهملنا ما كان يحدث على الأرض" وقد شمل ذلك هدم إسرائيل للبيوت وتوسيع المستوطنات ودفع الفلسطينيين " لعدم التسامح" ولو كانت المفاوضات مبنية على الأرض مقابل السلام، فكيف يمكن ان تتحقق عندما يكون احد الجانبين يصادر الأراضي" بشكل يومي " والجانب الآخر " يهاجم" السلام. " تم جرنا" الى داخل السياسات الداخلية الفلسطينية .

"سمحنا للعملية ان تتحول تدريجيا الى رئاسية " بمعنى ان متخذي القرارات كانوا ينتمون الى مجموعة صغيرة معزولة برئاسة الرئيس السابق بيل كلينتون. ومع ان كلينتون كان يفهم الجانبين أكثر من أي شخص اخر في إدارته، الا انه كان ضعيفاً " أمام اعتبارات سياسية محلية وقدرة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود باراك على التأثير على العملية عبر الاحتكاكات المباشرة وبعد ذلك الروتينية مع الرئيس كلينتون " لقد كانت الأخطاء عديدة على الجانبين ومع ذلك ركز مالي على الأخطاء الفلسطينية اما مستمعيه. حيث ركز على قرار منظمة التحرير الفلسطينية على " التفاوض للتخلص من الاحتلال " عبر إشراك الولايات المتحدة ومعسكر السلام الإسرائيلي. وقد انتقد عدد من المثقفين والسياسيين الفلسطينيين هذا القرار. ولكن "بعد اتخاذ هذا الخيار فان اقل ما يتوقعه المرء هو ان يطور الفلسطينيون إستراتيجية تتناسب مع هذا الخيار". ويأمل المرء انهم سيوجدون " إستراتيجية تعرف كيف تعمل الولايات المتحدة وكيف تسير أمورها وكيف تتخذ القرارات فيها وكيف يمكنها مساعدة المتفاوضين". لقد كانت هذه القدرة "ناقصة بشكل مؤلم" بين المفاوضين الفلسطينيين.

وقال مالي ان احد الأمثلة على هذا الفشل كان الاعتقاد بان الولايات المتحدة "مؤيدة جدا لإسرائيل الى حد يدعو الى اليأس". هنالك طرق مخلفة في "ان تكون متعاطفا مع إسرائيل، هنالك التنسيق وهناك التآمر" لقد كان في السنوات الاخيره "أكثر من التنسيق، ولكن ... نسبة اقل جداً من التآمر" وقال مالي ان الفلسطينيين لم يفرقوا بين هاتين المقربتين وتمسكوا "بعقلية الخندق" وبذا عزلوا أنفسهم. لقد كان " هدفهم الرئيسي في كامب ديفيد... البقاء وليس الاستفادة" من الفرص السانحة.

كلينتون كان على علاقة مميزة مع رئيس الوزراء باراك ومع إسرائيل" ولكنه "كان مصمماً بشكل متواز على التوصل الى اتفاق يمكن ان يقبله الجانبان". والا فانه لن يحقق شيئا. لقد كان بإمكان المفاوضين تحقيق ما هو أكثر بان "يستفيدوا الى ابعد حد من توتراتهم الداخلية". لقد كان من المفروض فيهم ان يقدموا "عروضاً منطقية وموجزة مضادة تقلب الطاولة علينا وعلى العملية كلها وتجعل من الصعب بالنسبة لنا ان نستبعد او ان نتجاهل الأفكار التي عرضوها. "ولكنهم كانوا بدلا من ذلك متشككين فيما كان من الممكن على الأقل ان يحقق "هدفهم البعيد". واشارمالي الى اقتراح كلينتون في كانون الثاني والذي" قد لا يكون كافياً " ولكنه كان "فشلا في الرؤيا ان لا يتم الترحيب بالتطور الذي مثله هذا الموقف". ربما تكون اللعبة"مغشوشة " من البداية ، ولكن عندما "توافق على التدخل في هذه اللعبة المغشوشة، سيكون من الأفضل ان تلعبها بمهارة وتستفيد منها الى ابعد حد. وبدلا من ذلك, يبدوا ان القيادة الفلسطينية كانت أحيانا تعمل بدون إستراتيجية".

خلال المفاوضات تمكن الجانبان من "كسر بعض الممنوعات" مما يمكن ان يساعد في المستقبل " ولكنا فشلنا ". ويجب ان تتحمل الولايات المتحدة كلا من العبء ودروس ذلك الفشل" وكان يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين والولايات المتحدة "ان يكونوا قد حققوا اكثر من ذلك" ويقول مالي "ليست هناك مسؤولية أعظم من ان نحرر أنفسنا من تلك الحقائق المطمئنة التي بدأت تتصاعد والتي نحاول بشكل مستميت ومنفصل أن نبحث عن ملجأ فيها في أعقاب فشلنا الجماعي"

Back to top