النكبة: استحقاق الاعتراف ومسؤولية إنهاء الاحتلال

ملخص إعلامي
أيار 08، 2016

المقدمة

تطهير أرض فلسطين عرقياً من سكانها الأصليين، واقتلاعهم وترحيلهم قسراً من أرضهم ومدنهم وقراهم بالقوة العسكرية والتهديد، وتنفيذ أبشع عمليات التطهير والتشريد المنظمة في إحدى أكبر المآسي السياسية وإلانسانية التي يشهد عليها التاريخ المعاصر والتي تتواصل تداعياتها ونتائجها حتى اليوم على شعبنا في الوطن والمنافي ومخيمات اللجوء، هي النكبة التي أحدثتها قوات الإرهاب الصهيوينة بحق شعبنا الفلسطيني في العام 1948. 

بعد 68 عاماً على النكبة، تحتفل إسرائيل بقيام دولتها "الديمقراطية" على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني وإلغاء وإنكار جوده ومحو أي ارتباط له بالأرض، وستحتفل العام القادم "باليوبيل الذهبي" نصف قرن على احتلالها العسكري لفلسطين، ومرور قرن على وعد بلفور المشؤوم.  وبدلاً من أن تشكل هذه التواريخ الفارقة فرصة جدية لإسرائيل وشعبها لإجراء مراجعات عميقة لتصويب هذه الخطيئة والانخراط في عملية سياسية جادة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة تفضي إلى إنهاء الاحتلال -العار السياسي والإنساني الوحيد المتبقي في العالم- فلا تزال جذور سياسة الترحيل تضرب بعمق في العقلية الاستعمارية الإسرائيلية التي تبنّاها وأشرف على تنفيذها ثلة من قادة الحركة الصهيونية قبل العام 1948، وحذا حذوها قادة الاحتلال الجدد الذين تمسكوا باحتلالهم وعملوا على ديمومته حتى أصبح جزءاً من هويتهم وسلوكهم. 

وبعقيدة الاستعمار والإحلال، تبلور قرار إسرائيل السياسي بإلغاء الوجود الفلسطيني وتفريغ السكان الأصليين من الأرض وإحلال المستعمرين محلهم، وفرض مشروع "إسرائيل الكبرى" على فلسطين وأتخذ مجراه للتنفيذ عبر التاريخ، وقد عبّر عنه زعماء الحركة الصهيونية علانية. ليو موتسكين، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية، قال في العام 1917 إنّ: " فكرتنا هي أن استعمار فلسطين يجب أن يسير في اتجاهين: استيطان يهودي في أرض إسرائيل، وإعادة توطين عرب أرض إسرائيل في أراض خارج البلاد". وبعد ما يقارب القرن على تصريح موتسكين أعلن نفتالي بنيت وزير تعليم الاحتلال أن "السنة الدراسية القادمة ستكون سنة "وحدة القدس"، كما أعلنت تسيبي حطبولي نائبة وزير خارجية الاحتلال "أن سنة 2017 ستكون سنة احتفالية يتم فيها تأكيد رواية وحدة البلاد وحقيقة انه لا يوجد احتلال". 

وبذلك اتخذت إسرائيل قراراً رسمياً مدروساً بممارسة حالة النكران والتنكر  للنكبة وللاحتلال وللجرائم التي ارتكبتها بأوجه مختلفة، للتملص من مسؤلياتها واستحقاقاتها السياسية والقانونية والأخلاقية، فأصرت على التعامل مع مشكلة اللاجئين باعتبارها "مشكلة إنسانية"، ورفضت القبول بالالتزام بالاتفاقات الدولية وعلى وجه الخصصوص اتفاقية جنيف الرابعة، ورفضت الاعتراف بالنكبة باعتبارها واقعاً تاريخياً، وبعمليات التطهير العرقي التي ارتكبتها، لإخفاء مدى فداحة المأساة السياسية والإنسانية التي وقعت على شعبنا،  وتبريراً لجرائمها اللاحقة والمتواصلة حتى يومنا هذا.

إن سياسة النكران وعدم الاعتراف التي تبرر سياسات الاحتلال وممارساته  يجب مواجهتها سياسياً وأخلاقياً من قبل المجتمع الدولي، خاصة وأن عمليات التطهير العرقي ما زالت قائمة وتشكل جريمة مستمرة يدفع ثمنها الفلسطيني في كل أماكن تواجده.  

 

النكبة عام 1948- عمليات تطهير عرقي واسعة النطاق:

ثمانية وستون عاماً على إحدى أكبر عمليات التطهير العرقي في القرن العشرين، وتشريد واقتلاع ما يقارب 800.000 فلسطيني من أرضهم وقراهم الأصلية بقوة السلاح والتهديد، رافقها في ذلك  قصف قرى ومراكز سكانية وحرق منازل وأملاك وهدم بيوت ومنشآت وزرع ألغام وسط الأنقاض لمنع السكان من العودة إلى منازلهم، واقتراف مذابح وقتل وتهجير جماعي ممنهج، لم تتسع خلالها المشافي لاستقبال المصابين، ولم تكفي الأكفان للشهدء. في هذا العام تم هدم ومحو أكثر من 400 قرية فلسطينية عن الوجود من قبل العصابات الصهيونية، ولم يتم طرد أصحابها الأصليين منها فحسب بل قامت بإحلال مستعمريها محلها في مستعمرات جديدة وبناء أماكن يهودية بحتة، وحولتها إلى أماكن ترفيهية في محاولة لإنكار وجودها. 

ولعل استحضار ما قاله رحبعام زئيفي (المنادي بفكرة الترانسفير) حول شمعون أفيدان، قائد "لواء جيفعاتي" التابع لقوات الهاجاناه، والذي نفذ عمليات تطهير عرقي في القرى الواقعة غرب وجنوب مدينة الرملة ، هو من أهم ما يدلل على سياسة محو   الوجود والذاكرة الفلسطينية:

"شمعون أفيدان، قائد لواء غفعاتي، طهّر جبهته من عشرات المدن والقرى، وساعده في ذلك يتسحاق بونداك، الذي أخبر صحيفة "هآرتس" في سنة 2004: "كان هناك مئتا قرية (في الجبهة) وجميعها أزيلت من الوجود، كان لا بد من تدميرها، وإلا لكان بقي لدينا هنا عرب مثلما هي الحال في الجليل، ولكان بقي لدينا مليون فلسطيني آخر".

وبسباق مع الزمن، واصلت إسرائيل مشروعها الاستعماري وسياسات التطهير العرقي من خلال التهجير الممنهج، ودشنت مرحلة جديدة من الاحتلال العسكري لباقي أرض فلسطين عام 1967، الاحتلال الأرخص في التاريخ الذي قام على استغلال الأرض والبشر والموارد والمياه مجاناً، والذي نتج عنه تهجير أكثر من  430.000 1 فلسطيني قسراً، وقتل عشرات الآلاف من أبناء شعبنا ،  واعتقال 800.000 فلسطيني في سجون الاحتلال بما في ذلك الأطفال والنساء،وفرض العقوبات الجماعية بما فيها هدم أكثر من 4361 منشأة منذ العام 2009 حتى تاريخه،2  والإبعاد والتشريد القسري للبدو وغيرهم من السكان، ومصادرة الأرض الفلسطينية والاستيلاء عليها لصالح جدار الضم والتوسع العنصري، وبناء الاستيطان غير القانوني وتوسيعه، وزيادة عدد المستوطنين الذي وصل إلى أكثر من 600.000 مستوطن، يمارسون إرهابهم المنظم على المواطنين الفلسطينين المدنيين واعتداءاتهم المتواصلة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في حملة محمومة لتهويد مدينة القدس المحتلة ومحيطها، وغيرها من الانتهاكات المنظمة لحقوق شعبنا بما فيها الإعدامات الميدانية واحتجاز جثامين الشهداء.

 

اللاجئون الفلسطينيون في الوطن والمنافي ومخيمات اللجوء3

يُقدّر اليوم العدد الأصلي للاجئين الفلسطينيين بحوالي 7 ملايين لاجئ يعيش معظمهم على بعد 100 كيلومترًا (62 ميلاً) من حدود فلسطين التاريخية.

يعيش الآن ما يقارب 1.4 مليون لاجئ مسجلين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة في 59 مخيمًا للاجئين تديرها الأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي الأردن وسوريا ولبنان ("الدول المضيفة").  و17 مخيماً غير رسمي. ومع ذلك، يوجد الكثير من اللاجئين الفلسطينيين غير مسجلين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة الذين يعيشون في هذه المخيمات وهناك آخرون يعيشون في مخيمات لا تعترف بها الأمم المتحدة أو في دول مضيفة. 

يقع العدد الأكبر من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، وتعيش أكبر نسبة من اللاجئين المقيمين في المخيمات في الدول المضيفة في لبنان.

يعيش حوالي 770,000 من اللاجيئن الفلسطينيين المسجلين في الأمم المتحدة في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، منهم حوالي 190,000 يعيشون في 19 مخيّمًا للاجئين في الضفة الغربية والقدس الشرقية. ويعيش أكثر من مليون لاجئ مسجلاً لدى الأمم المتحدة في قطاع غزة منهم 500,000 تقريبًا يعيشون في واحد من ثمانية مخيمات للاجئين في القطاع.

 

الاعتراف بالقرار 194 شرط القبول بدولة إسرائيل في عضوية الأمم المتحدة 

يعتبر القرار 194 السند الأول للشرعية الدولية الذي تعامل مع حق اللاجئ بالعودة إلى أرضه وممتلكاته، بالإضافة إلى وثائق وقرارات عدّة تستند لقواعد القانون الدولي، يُعاد التأكيد عليها سنوياً:

قرار الأمم المتحدة رقم 194 (الصادر في 11 كانون الأول 1948): اللاجئون الفلسطينيون الذين يريدون العودة إلى منازلهم والعيش بسلام مع جيرانهم يجب أن يُسمح لهم بالعودة في أقرب وقت ممكن، ويجب دفع تعويضات عن ممتلكات أولئك الذين يختارون عدم العودة وعن الخسارة أو الضرر أو الإنصاف الذي يجب تصحيحها من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة وفقاً لمبادئ القاتون الدولي.  

"لكي تؤكد الجمعية العامة على إلزامية قرار التقسيم ووجوب احترام والتزام إسرائيل بحدودها المقرة في قرار التقسيم، وأيضا تنفذ التزامها الخاص بحق اللاجئين في العودة، أدرجت بصريح النص في متن قرارها المتعلق بالموافقة على قبول دولة إسرائيل في عضوية الأمم المتحدة، تصريح دولة إسرائيل الصريح بالموافقة دون تحفظ على القرار رقم 181 والقرار رقم 194"

 

النكبة متواصلة

 

مخيمات اللجوء/ مخيم اليرموك نموذجاً: 

يشكل مخيم اليرموك في سورية نموذجاً  حياً على النكبة المتواصلة، فعلى الرغم من النكبات المتلاحقة التي سببها الاحتلال في الوطن إلاّ أن نكبة شعبنا في مخيم اليرموك فاقت القدرة الإنسانية على تصور انتهاك حقهم الطبيعي في العودة إلى وطنهم. وبعد أن دخله اللاجئون الفلسطينيون منكوبين إثر نكبة عام 1948 خرجوا منه منكوبين في العام 2014  ليسجلوا لجوءاً خراً على مرأى ومسمع وقبول المجتمع الدولي وعصر حقوق الانسان.

أنشأ الفلسطينيون مخيمهم عام 1957 ، وبنوه عبر السنين فأصبح بمثابة "المدينة"، وهو أكبر تجمع يضم أكبر عدد من اللاجئين في مخيمات الفلسطينيين قاطبة، ويُسمى بـ"عاصمة اللجوء الفلسطيني". يقع مخيم اليرموك إلى الجنوب من مدينة دمشق، ويبعد عن مركز المدينة 8 كم، وبلغ عدد سكانه (162230) حتى نهاية 2012 وفقاً "للأونروا". 

منذ اندلاع الأزمة السورية، يخضع مخيم اليرموك لحصار خانق لليوم (1055) على التوالي، وانقطاع الكهرباء منذ أكثر من (1116) يوماً، والماء لـ (605)  يوماً على التوالي، وبلغ عدد ضحايا الحصار (187) ضحية (حتى تاريخ 5 أيار 2016). وقد فرّ من جحيم المعارك حوالي ((15500  لاجئ فلسطيني سوري إلى الأردن و 42,500 إلى لبنان، ويوجد حوالي 6000 في مصر حسب تقديرات الأنروا لغاية تموز 2015. ويوجد 8000 في تركيا، و1000 في قطاع غزة، وأكثر من (71.2) ألف لاجئ فلسطيني سوري وصلوا إلى أوروبا حتى نهاية ديسمبر- كانون الأول 2015.4

اقتحم تنظيم "داعش" الإرهابي مخيم اليرموك مطلع نيسان 2015، بدعم من بعض المجموعات المسلحة مثل  جبهة النصرة، وتدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل أكبر مما كانت علىه، وطالت ما يقارب 15 ألف مدني لاجئ فلسطيني و3 آلاف سوري في حينها. وقد تجدد اندلاع الاشتباكات بين تنظيم داعش الإرهابي و"جبهة النصرة" في نيسان هذا العام، مما أدى إلى حرق وتدمير ما تبقى من المخيم ومنازله وشوارعه الرئيسة وحصار عشرات العائلات داخل منازلها، ومنعهم من الخروج إلى المناطق الآمنة، وسقوط عدد من الضحايا والجرحى بين المدنيين بسبب القصف العشوائي. 

بلغ عدد الشهداء اللاجئين من أبناء المخيم الذين قضوا منذ اقتحام "داعش" للمخيم  (86)  لاجئاً على الأقل حتى يوم 12 نيسان 2016، بينما وصل عدد ضحايا مخيم اليرموك منذ اندلاع الأزمة السورية إلى  1247ضحية حتى منتصف نيسان 2016. في الوقت الذي لا زال فيه يعيش فيه (5) آلاف مدني على الأقل بينهم الأطفال والنساء في المخيم.5

 

فلسطين/ قرية الولجة نموذجاً: 

قرية الولجة المهجرة هي إحدى القرى التي تم تهجير أهلها قسراً عام 1948، وهي جزء من القدس تطل على سفح مدينة بيت جالا. وبدافع الصمود والحفاظ على الوجود أسس اهلها في منطقة قريبة من قريتهم "الولجة الجديدة" على باقي أراضي القرية التي تقع على بُعد 8.5 كم جنوب غرب مدينة القدس و 4 كم شمال بيت لحم.

لحق بالقرية نكبات متلاحقة مثل غيرها من القرى الفلسطينية في العام 1948، ثم مروراً بعام 1967، حيث كرس الاحتلال من سرقة الأرض وهدم المنازل وبناء جدار الضم والتوسع في العام 2002 الذي يحيط بالقرية من جميع الاتجاهات وعزز من نقاط التفتيش وأقام حاجزاً عسكرياً على مدخل القرية،  وواصل بناء منظومة كاملة من المستوطنات والطرق الالتفافية.  

بلغت مساحة القرية رسمياً حسب السجلات قبل نكبة عام  1948 ما يقارب 17.708 دونما، وبقي للمواطنين 6000 دونم بعد النكبة ، وفي عام 1967 تم سرقة ومصادرة المزيد من اراضيها ليعيش أهلها اليوم على ما يقارب 2200 دونم فقط ، منها ما يقارب 60 دونما تخضع للمنطقة المسماة (ب) بينما يخضع ما تبقى من 2200 دونمات للمناطق المسماة (ج) . في العام 1980 أعلنت ما تسمى الأدارة المدنية ضمها الى ما يسمى "الحدود البلدية للقدس". 

منع أهالي القرية من زيارة أقربائهم من الموتى في المقبرة الواقعة في الولجة الأصلية، وسمح لبعضهم ببناء نفق ليتمكنوا من زيارة موتاهم، كما ضم جدار الضم والتوسع غالبية عيون المياه التي توفر المياه لأهالي القرية، وجفّت عيون أخرى بسبب أعمال الحفريات لصالح بناء الاستيطان واستكمال الجدار الذي تسبب أيضا بإتلاف شبكة الصرف الصحي.  ويرفض الاحتلال منح المواطنين رخص للبناء، حيث هدم الاحتلال منذ السبعينات وحتى يومنا هذا حوالي 50 منزلاَ ، بالاضافة الى تسليمه أهالي القرية عشرات القرارات بوقف البناء العمراني، ورفض المخطط الهيكيلي الذي قدمه المجلس القروي بحجة أن المنطقة غير قابلة للتطوير والبناء المنظم. ووفقا لمجلس قروي الولجة ، هدمت قوات الاحتلال منذ مطلع العام الجاري 3 منازل، كما تم تسليم أوامر هدم وتوقيف بناء بحق 16 منزلا. يقول السيد عبد الرحمن أبو التين ، رئيس مجلس قروي الولجة " ان الجدار عمل على خنق القرية وتحويلها الى سجن كبير، فهو يضيق الخناق على أهالي القرية في شتى  مناحى الحياة الاقتصادية والصحية والاجتماعية والتعليمية وحتى النفسية" .

 يوجد في القرية مدرسة إعدادية وحيدة تابعة لوكالة الأنروا، ويتلقى الطلبة تعليمهم الثانوي في القرى المجاورة أو في مدينتي بيت جالا وبيت لحم، يقطعون خلالها الحواجز العسكرية ومسافة تقدر بخمسة كيلومترات يومياً. تفتقر القرية إلى الخدمات الطبية، وقد تم في هذا العام انشاء عيادة طبية دائمة ولكنها لا تقدم بعد أي خدمات طبية للسكان نظرا لعدم توفر الأموال اللازمة لدى أهالي القرية لتشغيلها.

 

الاعتراف الصريح برواية النكبة: 

"إن أي تسوية لا يمكن أن تكون عادلة وكاملة ما لم يتم الاعتراف بحق اللاجئ العربي في أن يعود إلي المنزل الذي طرد منه.... وإنه لخرق فاضح لأبسط مبادئ العدالة أن ينكر على هذه الضحايا البريئة حق العودة إلى منازلها في حين يتدفق المهاجرين اليهود إلي فلسطين".6

لقد دفع أبناء شعبنا من اللاجئين والنازحين ثمن الاحتلال وانتهاكاته المنظمة لحقوقه في الوطن كما دفعوا ثمن اللجوء المتكرر في المنافي ومخيمات اللجوء، إلاّ أن حق العودة حق قانوني وسياسي وإنساني كفلته الشرعية الدولية ولا يسقط بالتقادم. 

إنه لمن العار في القرن الواحد والعشرين أن يتم إنكار نكبات اقترفها البشر، أو إخفاؤها والتنكر لها، فهناك جرائم وقعت في الماضي تجلت في طردنا من وطننا عام 1948 وتقع اليوم على يد الاحتلال ويجري التنكر لها.  

وقبل الدخول بعام الاستحقاق الأخلاقي والسياسي عام 2017، فإن هذا العام يشكل مخرجاً هاماً للمجتمع الدولي وعلى رأسه بريطانيا  من أجل تصحيح أخطائه وعجزه عن ردع الاحتلال، والعمل على منع تفاقم النكبة على حساب الحق الفلسطيني، ووضع حد لهذه المأساة الإنسانية والسياسية وحل القضية الفلسطينية حلاً جذرياً عادلاً ودائماً، تكون ركيزته إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين وانصافهم وفقاً للقرار الأممي 194، وإلزام دولة الاحتلال بالاعتراف بمسؤوليتها القانونية والسياسية والأخلاقية عن الظلم التاريخي الذي أوقعته بشعب آخر، والاعتراف برواية النكبة، ودعوة بريطانيا للاعتراف بنفس المسؤوليات بسبب استجابتها لطلب الحركة الصهيونية إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وتأسيسها ودعمها لقيام واحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي عام 1948، والعمل الجاد والمسؤول لتأمين الحماية لشعبنا و محاسبة الاحتلال ومساءلته على جميع جرائمه وخروقاته، وصولاً إلى إنهاء نصف قرن من العذابات وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس. 

 فليكن العادم القادم عام الاحتفال بإنهاء الاحتلال بدلاً من إطالته، والانخراط في الجهود والمبادرات الدولية السياسية لإنهائه، وإلاّ فإنه سيسجل التاريخ انهزاماً ساحقاً للمنظومة الدولية القانونية والسياسية والانسانية التي سمحت باستمرار الاحتلال وانتصاره على القانون الدولي والإرادة الدولية، وسيضعها في نفس خانة الفساد السياسي والأخلاقي للاحتلال.

 

  • 1.   المركز الفلسطيني لمصادرة حقوق المواطنة واللاجئين (بديل)
  • 2.  مكتب تنسيق الشؤون الانسانية للامم المتحدة (اوتشا)
  • 3.  دائرة شوؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية
  • 4.  مجموعة العمل من أجل فلسطيني سورية
  • 5.  نفس المصدر السابق
  • 6.  الكونت فولك برنادوت: وسيط الأمم المتحدة الأول للسلام  الذي اغتالته العصابات الصهيونية عام 1948 بسبب الاقتراح الذي قدمه للأمم المتحدة.
Back to top