ملخص حول التضامن الدولي مع فلسطين

ملخص إعلامي
تشرين الثاني 29، 2021

اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني

 هذا اليوم هو تعبير عن بداية الشعور العالمي بضرورة تعويض الشعب الفلسطيني عن الظلم التاريخي الذي لحق به منذ إقرار خطة تقسيم فلسطين من قبل الأمم المتحدة عام 1947، وذلك إنسجاماً مع القيم الأساسية المشتركة التي تعاقدت عليها دول وشعوب العالم، وتعاهدت فيها من أجل الدفاع عن السلام وقيم الحرية والعدالة وإحترام حقوق الانسان. وهو يوم خصصته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ العام 1977 للإحتفال تعبيراً عن التضامن مع الشعب الفلسطينيي بغية رفع الوعي الدولي بالقضايا الأساسية المتعلقة بفلسطين، وتعبئة العمل العالمي من أجل تحقيق حل عادل وشامل ودائم لقضية فلسطين وفقاً لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وعلى الرغم من أهمية إحياء هذا اليوم التضامني على الصعد السياسية والإعلامية والثقافية إلا أن هذه الاحتفالات والمناسبات الدولية بقيت ضمن قاعات الأمم المتحدة والمنابر وخُطب التضامن اللفظية، ذلك أن بداية اليقظة العالمية هذه لم تكتمل لتتحول إلى فعل دولي ضاغط لضمان حقوق الشعب الفلسطيني الذي شرّد قسراً من دياره وتم الإستيلاء على أرضه ليبقى محروماً من حقه في تقرير المصير منذ أكثر من 73 عاماً.

 

واقع الإحتلال الإستعماري

خلال هذه العقود، تم ترسيخ نظام عنصري إستعماري فرضته سلطة الإحتلال ضمن إطار "الدولة اليهودية"، ومن ثم على المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، تعاقبت خلالها فصول متجددة من التطهير العرقي على الشعب الفلسطيني عبر برنامج صهيوني مدروس وممنهج يسعى إلى إلغاء الوجود الوطني للشعب الفلسطيني من خلال فرض مشروع إسرائيل الكبرى على أرض فلسطين التاريخية وتنفيذ رزمة من السياسات والقوانين الإستعمارية الهادفة إلى تهويد القدس وعزلها عن محيطها وتكريسها عاصمة مزعومة لدولة إسرائيل، وطرد السكان، ونهب الأرض والموارد وتكثيف الإستيطان، وهدم المنازل، ومحاولة ضم المناطق المسماة ج ، وإحكام الحصار غير القانوني على قطاع غزة لفرض واقع جيوسياسي ينسجم مع المطامع الإستعمارية التوسعية ونيل الإعتراف الدولي بأمر الواقع الإستعماري. ولكن من جهة أخرى، أخذ نضال شعبنا طابعاً نوعياً في الصمود والبقاء والتجذر في الأرض ومقاومة عمليات التهجير والتشريد. وانطلقت ثورته المعاصرة لتبرز وتصقل هويته الوطنية المتميزة، وتجسد حقه في الحرية والاستقلال والسيادة على أرضه، وتوطد وحدته في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي بات الإعتراف الدولي بها ممثلاً شرعياً وحيداً لشعبنا ترجمةً لإعتراف العالم بوجوده وحقه في تقرير المصير، وصولاً إلى الإعتراف الدولي الواسع بدولة فلسطين التي رُسّمت بصفة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012. وتعززت هذه المسيرة بروح التضامن من قبل شعوب العالم وقواها الحيّة التي ترسخ في وعيها الجمعي حقيقة أن إسرائيل هي قوة إحتلال إستعماري إستيطاني وفصل عنصري تسعى إلى هدفها عبر التطهير العرقي للفلسطينيين. التسليم بهذه الحقيقة أصبح يكتسب شبه إجماع دولي، ولكن إستخلاص النتائج منها على صعيد الفعل المطلوب لإنفاذ هذه الإرادة الدولية ظل يصطدم بمصالح بعض القوى الكبرى ذات التأثير الحاسم في القرار الدولي والتي رعت المشروع الصهيوني منذ بدايته، وحافظت عى تحالفها مع إسرائيل ودعمها مادياً وعسكرياً خدمة لمصالحها الخاصة في منطقتنا.

من جهةٍ تُبدي هذه القوى الكبرى معارضتها للإستيطان وممارسات الفصل العنصري وتتشدق لفظياً بحل الدولتين، ومن جهة أخرى تواصل الدعم لإسرائيل وحمايتها من العدالة الدولية وإحباط أية محاولة لمساءلتها على إنتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان.

 

تقمّص دور الضحية في الأمم المتحدة

تغذي إسرائيل هذا النمط من النفاق وإزدواجية المعايير من خلال تقمّص دور الضحية، والإدعاء بأنها هي لوحدها تتعرض لهذه الإنتقادات الدولية، وأنها الدولة المعزولة، وهي بذلك تتجاهل حقيقة أن الإحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين هو أخر الإحتلالات التي ما زالت قائمة على وجه البسيطة، وأن نظام الفصل العنصري الإسرائيلي هو وحده الذي بقي ماثلاً منذ إنهيار نظام بروتوريا، وأن ممارسات التطهير العرقي باتت تنفرد بها إسرائيل منذ إنتهاء النزاعات في يوغسلافيا السابقة. وهذا وحده يكفي لكي يتركز عليها ضغط العالم بأسره من أجل أن ترعوي وتنسجم مع المعايير الإنسانية التي أصبحت دستوراً للبشرية في عصرنا.

ولكنه من اللافت أنه حتى هذا التقمّص لدور الضحية أخذ يعبّر عن نفسه بصلافة وعنجهية عنصرية صارخة كما جاء على لسان المندوب الدائم لدولة الإحتلال في الأمم المتحدة جلعاد أردان إبّان مهاجمته لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وتمزيقه للتقرير السنوي لمجلس حقوق الإنسان على مرأى ومسمع أعضاء الأمم المتحدة " إن مكان هذا التقرير المشوّه والأحادي الجانب هو سلة مهملات معاداة السامية".

معاداة السامية هي الحجة الثانية التي تحاول من خلالها إسرائيل وحلفاؤها تضليل الرأي العام الدولي والتستر على جرائمها، وممارساتها العنصرية، وفرض الإرهاب الفكري على كل من يعارضون هذه الجرائم لإخماد هذه المعارضة بحجة أن إنتقاد إسرائيل هو شكل من أشكال التعبير عن الكراهية لليهود. وهكذا يجري تحدي المنطق بوصم من يرفضون الفصل العنصري بأنهم عنصريون، فهل يُعقل أن يكون بيرني ساندرز السيناتور الأمريكي اليهودي معادياً للسامية؟ وهل يُعقل أن تُتهم أبرز منظمات اليهود التقدميين في الولايات المتحدة "جي ستريت" بالعداء للسامية؟ ولماذا تُعتبر الدعوة إلى مقاطعة الفصل العنصري في نظام بروتوريا إنتصاراً مشروعاً لحقوق الإنسان بينما يُزعم بأن الدعوة إلى مقاطعة الفصل العنصري في إسرائيل هي معاداة للسامية؟ وبأي منطق يجري تبرير وصم النضال الفلسطيني بالإرهاب بأنه يشكل تصدياً لمعاداة السامية؟

وصم النضال الوطني الفلسطيني بالإرهاب يشكل الغطاء الزائف للدعم الذي يُقدّم لإسرائيل بحجّة حقها المزعوم في الدفاع عن النفس، وهي حجة تتجاهل الحقيقة الماثلة بأن إسرائيل بعدوانها على الشعب الفلسطيني وعلى الدول العربية المحيطة لا تدافع في الواقع عن نفسها أي عن وجودها وإنما عن إستمرار إحتلالها للأرض الفلسطينية والعربية، الإحتلال الذي هو بالتعريف السيطرة المفروضة بالقوة والعنف على مقدرات ومصائر شعب آخر. وبإغماض الأعين عن هذه الحقيقة يجري تبرير المساواة بين الضحية والجلاد، والتستر على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ. وإذا كان الإرهاب بالتعريف هو إستهداف المدنيين الأبرياء بالقوة والعنف بهدف ترويعهم فإن حروب وجرائم العدوان التي تشنها إسرائيل والتي يذهب ضحيتها مئات المدنيين الأبرياء هي أشد أشكال الإرهاب بشاعة. هذا المشروع الاستعماري العنصري هو من يعزل نفسه بنفسه وهو يحمل بذور ذوبانه ليس دولياً فحسب بل داخلياً أيضاً.

 

التقاعس عن ترجمة التضامن الدولي إلى أفعال

التساوق مع هذه الحجج الباطلة للدعاية الصهيونية يشكل مبرراً لسلوك العديد من القوى الكبرى في تقاعسها عن قيامها بما يمليها عليه الواجب الدولي لتحويل قرارات الأمم المتحدة إلى واقع ملموس. نشهد ذلك في العديد من المفاصل التي تطور من خلالها الموقف الدولي إزاء قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

في 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية فتوى واضحة تجرم بناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري وتعتبره إنتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، وطالبت بوقف العمل فيه وهدم ما تم بناؤه، وجبر الأضرار الناجمة عنه ودفع التعويضات للمتضررين منه. والقرار كان محدداً في دعوته جميع الدول إلى النهوض بواجباتها بموجب الشرعية الدولية من أجل ضمان تنفيذ هذا القرار. ورغم تبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة لرأي المحكمة ومطالبتها بتطبيقه إلاّ أن موقف بعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن حال دون ذلك وشكل حماية للإنتهاك الإسرائيلي.   

التقاعس نفسه نلمسه فيما يتعلق بقرار مجلس الأمن 2334 الذي يحرّم الإستيطان ويعتبره خرقاً للقانون الدولي ويدعو إلى وقف جميع الأنشطة الإستيطانية، ووقف نقل المستوطنين الإسرائييلين إلى أراض محتلة، ووقف الاعمال الارهابية ضد المدنيين وجميع الأعمال الاستفزازية، والتحريض والهدم والتهجير القسري، ورغم مرور خمس سنوات على إتخاذ هذا القرار لم يقم مجلس الأمن بأي إجراء عملي من أجل تنفيذه، والإعلانات اللفظية التي تصدر عن مختلف عواصم العالم بما في ذلك واشنطن بشجب الإستيطان وإعتباره عقبة في طريق السلام لا يترتب عليها أية خطوات عملية، بل إن واشنطن وبعض العواصم الأخرى تُلقي بكامل ثقلها لتعطيل إضطلاع بعض مؤسسات الأمم المتحدة بواجباتها في هذا الشأن مثل مجلس حقوق الإنسان الذي مورست عليه ضغوط لتعطيل إصدار قاعدة بياناته للشركات العاملة في الإستيطان، ولدى صدورها بعد تأخير طويل لم يتم العمل بموجبها.

قرار الإتحاد الأوروبي بوسم منتجات المستوطنات بالرغم من كونه ليس كافياً حيث المطلوب هو مقاطعة هذه المنتجات وحظر كل ما يفرزه المشروع الاستيطاني إنسجاماً مع اعتبار الإستيطان غير قانوني وغير شرعي، إلا أنه لم يجد طريقه للتنفيذ الفعلي من قبل معظم دول الاتحاد الأوروبي، وقد جوبهت خطوات بعض الدول مثل إيرلندا وبلجيكا لتنفيذ هذا القرار بزوبعة إعتراضية من جانب اللوبي الصهيوني.

ومن الجدير بالذكر أن الإتحاد الأوروبي يمتلك أدوات ضغط فاعلة على إسرائيل من خلال إتفاقية الشراكة بينهما التي تنص في بندها الثاني على وجوب إحترام حقوق الإنسان، وإشتراط تنفيذ الإتفاقية بإلتزام الأطراف بعدم انتهاك حقوق الإنسان. ورغم تكرار التعبير عن قلق الإتحاد الأوروبي من الممارسات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الإنسان إلا أن خطوة واحدة لم تُتخذ لتفعيل هذا البند في إتفاقية الشراكة، في الوقت الذي تستخدم فيه هذه الدول سلاح العقوبات ضد دول أخرى، وفي الوقت الذي تجري فيه أيضاً محاولات لإستخدام المساعدات المقدمة للجانب الفلسطيني كأدوات ضغط وعقوبة على الجانب الفلسطيني من أجل وقف الرعاية التي تقدمها السلطة الوطنية لأسر الشهداء والأسرى بحجة كونها دعماً لما يسمى بالإرهاب، ومن أجل تعديل المناهج الدراسية الفلسطينية وقطع الأموال عن "الأونروا" وملاحقة المنظمات المدنية بحجة ما يُسمى بالتحريض.

التجاهل العملي كان أيضاً مصير القرارات الدولية المتكررة بما في ذلك قرار مجلس الامن 904 بشأن توفير الحماية والأمن للشعب الفلسطيني، وقرار الجمعية العامة في جلستها الطارئة العاشرة المتخذ في عام 2018 لتوفير الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين والذي لم تُوفر له أية آليات لتنفيذه حتى هذا اليوم.

الإجماع الشامل على التبني اللفظي لحل الدولتين هو أيضاً يلقى المصير نفسه عندما يكون المطلوب تحويله إلى خطوات عملية. فالعديد من الدول التي تعلن إلتزامها بهذا الحل وتعترف بدولة إسرائيل تمتنع في المقابل عن الإعتراف بدولة فلسطين بالرغم من أن برلمانات العديد منها اتخذت قرارات إيجابية بهذا الشأن تعبيراً عن ضمائر شعوبها لتلقى هذه القرارات التجاهل الكامل من قبل حكوماتها. ولا تزال تقف واشنطن وعواصم أخرى كعقبات في طريق قبول فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة رغم أن هذا يمكن أن يشكل خطوة ملموسة للدفع قدماً بأفق حل الدولتين.

وكذلك، تبذل واشنطن وعواصم أخرى جهوداً مستميتة من أجل تعطيل قدرة العدالة الدولية ممثلةً بالمحكمة الجنائية الدولية وفقاً لميثاق روما على معاقبة مجرمي الحرب الإسرائيليين على خروقاتهم الجسيمة، فقد مورس ضغط هائل على دولة فلسطين لمنع إنضمامها إلى ميثاق روما ومن ثم لتعطيل تقديمها الإحالة المطلوبة للوضع في الأراضي المحتلة إلى المحكمة. وتمارس اليوم أبشع أشكال الضغط على المحكمة وشخوصها من أجل تعطيل فتح تحقيق رسمي بالجرائم الإسرائيلية.

 

ما هو المطلوب لترجمة التضامن الدولي إلى فعل سياسي

 في الفترة الأخيرة، أصبحت حركة التضامن مع شعب فلسطين تياراً جارفاً على صعيد الرأي العام العالمي، وبينما لا يزال من الضروري إستمرار العمل على توسيع نطاق هذه الحركة وتنشيط فعاليتها إلا أن خطوة نوعية باتت مطلوبة للإنتقال بهذه الحركة إلى مستوى "اللوبي" المنظم الضاغط الذي يعمل بشكل منهجي من أجل توظيف الدعم الشعبي للتأثير على مواقف المشرّعين وقرارات الحكومات. وهذا يشمل العمل داخل الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة في البلدان المختلفة لتطوير مواقفها لصالح  القضية الفلسطينية، وكذلك التأثير على وسائل الإعلام، ودعم الحملات الإنتخابية لأنصار فلسطين، والضغط على أعضاء البرلمانات.

الهدف الأول الذي ينبغي أن تستهدفه حملة الضغط هذه هو توسيع نطاق تأثير حركة المقاطعة وسحب الإستثمارات وفرض العقوبات BDS، والتصدي للمحاولات الجارية لشيطنتها وتحريم نشاطاتها في بعض البلدان، وتطوير قدرتها على التأثير في التشريعات والسياسات المُمارسة للدفع قدماً بمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها، وإلغاء حصانتها وإفلاتها من العقاب.

الهدف الثاني هو توسيع نطاق الإعتراف الرسمي بدولة فلسطين وحقها في الإستقلال والسيادة، بإعتبار ذلك خطوة لصون آفاق حل الدولتين. الهدف الثالث هو تفعيل أدوات العدالة الدولية، والضغط على الحكومات لمحاسبة الإحتلال ودعم الخطوات الفلسطينية في المنابر الدولية بهذا الخصوص، وبخاصة في المحكمة الجنائية الدولية وتمكينها من ممارسة ولايتها وواجبها في محاسبة ومعاقبة المسؤولين الإسرائيليين، واللجوء حيث أمكن إلى أنظمة العدالة الوطنية والإقليمية (مثل محكمة العدل الأوروربية) من أجل ملاحقة الإسرائيليين ذوي الجنسيات المزدوجة المتورطين بجرائم حرب بما في ذلك المستوطنين وجنود الإحتلال. كل ذلك وصولاً إلى إنهاء الإحتلال.

 

الخاتمة

إن شعبنا الفلسطيني يشعر بالإمتنان العميق للدعم النبيل والمتعاظم الذي تقدمه شعوب العالم لنضاله العادل من أجل التحرر الوطني والحرية والعدالة، وهو على ثقة أن هذا الدعم سوف يتصاعد ليفرض على المجتمع الدولي للإضطلاع بمسؤولياته من أجل محاصرة العدوان الإسرائيلي ومساءلة مجرمي الحرب الذين يقفون عقبة في الطريق إلى حريته وإستقلاله. وأنه بفضل هذا الدعم وبفعل صموده على الأرض ومقاومته سوف يأتي اليوم الذي ينجح فيه في تطهير وطنه من الإحتلال وفي فرض سيادته عليه ليعيش حراً كريماً كسائر شعوب الأرض.

Back to top