الحق في التصويت: تسجيل الناخبين في القدس الشرقية المحتلة

اوراق حقائق
تشرين الأول 27، 2015

تحليل قانوني

تم إغلاق مراكز تسجيل الناخبين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة بأوامر أصدرتها وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلي. تقول الأوامر الصادرة أن موظفي مراكز تسجيل الناخبين يعملون باسم السلطة الفلسطينية داخل أراضٍ إسرائيلية وهم بذلك ينتهكون القانون الإسرائيلي لعام 1994 حول تطبيق الاتفاقيات الانتقالية الموقّعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. لكن أوامر الإغلاق التي أصدرتها وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلي تنتهك

  1. حق تقرير المصير المعترف به دولياً،
  2. الاتفاقات الانتقالية في اتفاقيات أوسلو،
  3. التزامات إسرائيل في خارطة الطريق،
  4. والقانون الإسرائيلي المتعلّق بالاتفاقات الانتقالية.

1. يمنح حق تقرير المصير للفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة حق التصويت في الانتخابات الفلسطينية

أ‌. للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير

يضمن الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية حق تقرير المصير، وكلا الميثاقين جزء لا يتجزأ من اتفاقيات الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان. تؤكد المادة الأولى في هذين الميثاقين على حق كل الشعوب في تقرير المصير وتُلزم الدول الموقّعة عليهما بدعم تطبيق ذلك الحق. إن جوهر ذلك الحق هو حق التصويت، حيث وقّعت إسرائيل على الميثاقين.

أكّد المجتمع الدولي على حق تقرير المصير في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2625 (25) (1970) الذي بموجبه "على كل دولة واجب الامتناع عن أي عمل قسري يحرم الشعوب المشار إليها [في ذلك القرار] ... من الحق في تقرير المصير".

أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها في 9 تموز 2004 بأن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير: "تعتبر المحكمة أن [الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني] تتضمّن الحق في تقرير المصير، كما اعترفت بذلك الجمعية العامة في العديد من المناسبات ..."1

ب‌. الفلسطينيون في القدس الشرقية المحتلة جزء من الشعب الفلسطيني ولذلك يحق لهم ممارسة تقرير المصير بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية.

يتمتّع الفلسطينيون في القدس الشرقية المحتلة بذات الوضع القانوني الذي يتمتّع به الفلسطينيون في بقية أنحاء الضفة الغربية وبذلك يشتركون معهم في حق تقرير المصير.

الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى الضم أو تغيير الوضع القانوني للقدس الشرقية أو لسكّانها ليست لها شرعية قانونية لدى المجتمع الدولي أو في القانون الدولي.

مجلس الأمن "يعتبر أن كافة ... الأعمال التي قامت بها إسرائيل ... التي تعمل على تغيير الوضع القانوني للقدس باطلة ولا يمكن أن تُغيّر ذلك الوضع"2. رداً على محاولة إسرائيل ضم القدس الشرقية المحتلة في عام 1980، أعاد مجلس الأمن التأكيد على أن "كافة ... الأعمال التي اتخذتها إسرائيل، السلطة المحتلة، التي تُغيّر صفة ووضع ... القدس ليست لها شرعية قانونية وتُشكّل انتهاكاً صارخاً لمعاهدة جنيف ذات الصلة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، وتُشكّل أيضاً عائقاً خطيراً أمام تحقيق سلام شامل، وعادل، ودائم في الشرق الأوسط"3.

حكمت محكمة العدل الدولية بان القدس الشرقية أراضٍ محتلة: "تبقى كافة هذه الأراضي (بما فيها القدس الشرقية) أراضٍ محتلة كما تستمر إسرائيل في كونها السلطة المحتلة"4.

يرقى عدم السماح للفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة بالتصويت في الانتخابات الفلسطينية لمرتبة الاعتراف بالمطالبات الإسرائيلية بالسيادة على الأراضي المحتلة. ينتهك هذا الاعتراف مبادئ القانون الدولي.

2. شكّلت اتفاقيات أوسلو أسبقية بمنح الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة الحق بالتصويت في الانتخابات الفلسطينية

أ‌. يسمح إعلان المبادئ للفلسطينيين في القدس الشرقية بالتصويت في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني بوجود تفاهم بان هذا المجلس ليست له صلاحية على القدس الشرقية

ينص إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الانتقالية الموقّع في 13 أيلول 1993 على أن ينتخب الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة مجلساً للحكم الذاتي في تلك الأراضي. القدس الشرقية جزء من الضفة الغربية، لكن تم استثنائها في المادة 4 من إعلان المبادئ من صلاحية المجلس لأنها إحدى قضايا الوضع الدائم. لذلك شارك الفلسطينيون في القدس الشرقية في انتخاب المجلس مع أنهم لم يخضعوا لصلاحيتة.

ينص ملحق 1 من إعلان المبادئ ("البروتوكول المتعلق بشكل وظروف الانتخابات") على أنه: "سيحق للفلسطينيين الذين يعيشون في القدس المشاركة في عملية الانتخابات وفقاً لاتفاق بين الجانبين".

ب‌. يسمح الاتفاق الانتقالي لعام 1995 لفلسطينيي القدس الشرقية بالتصويت في الانتخابات الفلسطينية

يدعم الاتفاق الانتقالي الإسرائيلي-الفلسطيني حول الضفة الغربية وقطاع غزة الموقّع في 28 أيلول 1995 ("الاتفاق الانتقالي") "إجراء انتخابات سياسية مباشرة وحرة وعامّة للمجلس ولمنصب [رئيس] السلطة التنفيذية لكي يستطيع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة انتخاب ممثلين مسئولين بصورة ديمقراطية" (التأكيد مضاف).

ينص الاتفاق الانتقالي على أن "فلسطينيي القدس الذين يعيشون فيها يمكنهم المشاركة في عملية الانتخابات"5 وأن الناخبين سيكونون "الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة"6.

ينص الملحق 2 من الاتفاق الانتقالي على تفاصيل العملية اللازمة لإجراء الانتخابات، بما في ذلك المادة 6 التي تُعالج حصراً عملية الانتخابات في القدس الشرقية. 

لا تبحث اتفاقيات أوسلو إجراء انتخابات فلسطينية ثانية، ولذلك يحكم هذه الانتخابات القانون الدولي، وتحديداً حق تقرير المصير، وأسبقية أوسلو.

لا تذكر اتفاقيات أوسلو تفاصيل أو حدود الجولة الثانية من الانتخابات. نتيجة لذلك، فإن أسبقية الانتخابات الأولى وحق تقرير المصير الفلسطيني (وهو حق محفوظ في الاتفاق الانتقالي7) يدعمان بصورة حاسمة حق الفلسطينيين في القدس الشرقية بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية.

3. تعترف خارطة الطريق ضمناً بحق الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة بالتصويت في الانتخابات الفلسطينية

أ‌. بطلبها من إسرائيل إعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، تعترف خارطة الطريق بأن القدس الشرقية تخضع للالتزامات الواردة فيها، وتطلب أيضاً فتح مراكز تسجيل الناخبين الفلسطينيين.

تطلب خارطة الطريق من إسرائيل إعادة فتح الغرفة التجارية الفلسطينية "والمؤسسات الفلسطينية الأخرى" في القدس الشرقية. لذلك، فإن خارطة الطريق تعترف بأن القدس الشرقية تخضع للالتزامات الواردة فيها، وتطلب أيضاً فتح مراكز تسجيل الناخبين الفلسطينيين والتي هي بلا شك مؤسسات فلسطينية.

ينتهك إغلاق مراكز تسجيل الناخبين الفلسطينيين أيضاً الوعد الذي قدمه السيد شمعون بيرس في عام 1993 عندما تعهّد في رسالة بعثها إلى وزير الخارجية النرويجي بأن "كل المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية، بما فيها المؤسسات الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والثقافية والأماكن الدينية المسيحية والإسلامية تؤدي أعمال مهمّة وضرورية للسكان الفلسطينيين. من نافلة القول أننا لن نضع العقبات أمام أدائها لمهامها، بل إننا سنشجع العمل المهم الذي تؤديه".

ب. بما أن خارطة الطريق تعترف بأن القدس الشرقية تخضع للالتزامات الواردة فيها، تنطبق الالتزامات المتعلقة بالانتخابات الفلسطينية أيضاً على القدس الشرقية. 

تُلزم خارطة الطريق الفلسطينيين بتنفيذ إصلاحات سياسية شاملة، بما في ذلك "انتخابات حرّة ونزيهة". بما أن خارطة الطريق تعترف بأن التزاماتها تنطبق على القدس الشرقية المحتلة، فإن للفلسطينيين المقيمين فيها الحق بالمشاركة في هذه الانتخابات.

كما تُلزم خارطة الطريق إسرائيل بتسهيل "المساعدة في الانتخابات، وتسجيل الناخبين، وحركة المرشّحين ومسئولي الانتخابات". لذلك فإن إغلاق إسرائيل لمكاتب تسجيل الناخبين في القدس الشرقية هو انتهاك مباشر للالتزام المفروض عليها في خارطة الطريق "لتسهيل" الانتخابات الفلسطينية.

4. ينتهك منع الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة من الانتخاب القانون الإسرائيلي

وفقاً للقانون الإسرائيلي لعام 1994 حول تطبيق اتفاقيات أوسلو، تستطيع إسرائيل إغلاق مكاتب تابعة للسلطة الفلسطينية أو لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة فقد إذا لم يحترم نشاط هذه المكاتب السيادة الإسرائيلية.

ينتهك هذا القانون الحظر الذي يفرضه القانون الدولي على الاستيلاء على الأراضي بالقوة. لكن حتى لو كان هذا القانون صالحاً، فإنه لا ينطبق على مكاتب تسجيل الناخبين الفلسطينيين لأن تسجيل الناخبين لما تعتبره إسرائيل انتخابات لشعب آخر يحترم السيادة الإسرائيلية. إن التسجيل للمشاركة في الانتخابات الفلسطينية ليس أقل احتراماً للسيادة الإسرائيلية من تسجيل مواطني القدس للمشاركة في الانتخابات الأمريكية، وهو ما يسمح به القانون الإسرائيلي.

إضافة إلى ذلك، لا يوجد تناقض بين تسجيل الناخبين واحترام أن تبقى القدس إحدى قضايا الوضع الدائم، وبذلك خارج صلاحية المجلس الفلسطيني.

  • 1. الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، النتائج القانونية لبناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، 118 (2004).
  • 2. قرار مجلس الأمن رقم 252 (1968).
  • 3. قرار مجلس الأمن رقم 476 (1980).
  • 4. الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، النتائج القانونية لبناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، 78 (2004).
  • 5. الاتفاق الانتقالي، مادة 2(3).
  • 6. الاتفاق الانتقالي، مادة 3(1).
  • 7. يُشير الاتفاق الانتقالي عدة مرّات إلى الشعب الفلسطيني وإلى "حقوقه المشروعة" (المقدمة، فقرة 4 وفقرة 7؛ مادة 2، فقرة 2؛ مادة 3، فقرة 1 وفقرة 3؛ مادة 22، فقرة 2). ذكرت الفقرة 118 من حكم محكمة العدل الدولية أن هذه الحقوق الشرعية تتضمّن حق تقرير المصير.
Back to top