حركة الناس والبضائع: قطاع غزة المحتل بعد "الانفصال"

اوراق حقائق
آب 01، 2005

"يتضمّن تعريفنا للنجاح أن تكون غزة كيانآ اقتصاديآ. وهذا يعني وجوب أن تتوفّر الحرية للدخول والخروج بطريقة تحفز الاقتصاد وليس مجرّد إبقائه كما هو. يجب أن يحصل تفاعل اقتصادي مع الضفة الغربية أيضاً، ويجب أن يكون هنالك اتصال مع مصر." - ديفيد ويلش، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى

ورقة حقائق:

مع أنه تم اعتبار خطة "الانفصال" الإسرائيلية على أنها تُساعد إسرائيل على تدعيم سيطرتها على الضفة الغربية ومواردها، وخصوصاً داخل القدس وحولها، يسعى الفلسطينيون إلى تحويل إخلاء إسرائيل لقطاع غزة وأجزاء منعزلة من شمال الضفة الغربية إلى فرصة للسلام. وذلك بهدف إنعاش اقتصادهم الذي دمرته 38 سنة من الاحتلال الإسرائيلي.

يرتكز الانتعاش الاقتصادي على التبادل التجاري الذي يعتمد بدوره على قدرة الناس والبضائع على الحركة الحرة. لكن غزة كانت شبه معزولة عن الضفة الغربية والعالم لسنوات طويلة. وما زالت غزة تُعاني من أزمة إنسانية فهي معزولة عن الأسواق، والبضائع، والخدمات، والموارد، والناس، فقد عاش ثُلثا سكان غزة تقريباً في عام 2004 على مبلغ 2.25 دولار أمريكي أو أقل في اليوم للفرد، بينما كانوا يعانون من فرض إسرائيل عليهم أعلى ثمن للكهرباء في العالم.

من المرجّح أن تبقى غزة بعد "الانفصال" معزولة عن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وباقي دول العالم. ستحتفظ إسرائيل وفقاً لشروط خطة "الانفصال" بالسيطرة على كل حدود غزة بما فيها حدود غزة مع مصر، إضافة إلى سيطرتها على المجال الجوي والمجال البحري للقطاع. وستقرر إسرائيل بصورة أحادية إذا كانت ستسمح بفتح المطار والميناء في غزة ومتى يتم ذلك، وستمنع غزة من إقامة رابط إقليمي مع الضفة الغربية. وباختصار، سيخضع كل الأشخاص والبضائع والموارد التي تخرج من غزة أو تدخلها للسيطرة الإسرائيلية إذا تم تطبيق الخطة كما أقرتها الحكومة الإسرائيلية.

لقد اعترف المجتمع الدولي بأن نجاح مشروع غزة مضمون بتوفير حدود حرة. قطاع غزة هو أحد أكثر مناطق العالم كثافة سكانية وتنقصه الموارد الطبيعية والقدرة على التطور اللازم ليكون كيانآ اقتصاديآ مستقلآ.

سيبقى قطاع غزة والضفة الغربية يعانيان من الأزمات من دون القدرة على الوصول إلى أسواق القدس الشرقية المميزة، وباقي موارد وأسواق الضفة الغربية، والعاصمة الفلسطينية المستقبلية، والأسواق العالمية، والشركاء التجاريين.
يحتاج الفلسطينيون إلى حرية الحركة في الأراضي الفلسطينية ومع دول العالم لبناء اقتصادهم، وضمان أمنهم، وممارسة حقوقهم الديمقراطية، ويسعون للحصول على الاستقرار، والحرية، والسلام، لا أكثر ولا أقل.

سوف يعتمد نجاح قطاع غزة بعد "الانفصال" على حرية حركة الناس والبضائع عبر نقاط العبور التالية:

1. نقاط العبور الأرضية

توجد نقاط الدخول والخروج الحالية للفلسطينيين في بيت حانون (ايرز) في الشمال، والمنطار (كارني) في الشرق، ورفح في الجنوب. ولكن الجيش الإسرائيلي يسيطر على كل هذه المعابر ويعمل على تنظيم كل نواحي العبور البرّي للناس والبضائع بين غزة، والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل، وباقي العالم.

من الممكن أن يتغيّر عمل أو موقع نقاط العبور هذه بسبب خطة "الانفصال". فعلى سبيل المثال يعمل معبر رفح على ربط غزة بمصر. ولا تسمح إسرائيل حالياً إلا بعبور عدد قليل جداً من الناس (أقل من 400 شخص في كل اتجاه في اليوم) ولا تسمح لأية بضائع تُذكر بالعبور من خلال معبر رفح. وقد قرّرت إسرائيل أن تنقل نقطة العبور بعد "الانفصال" إلى كارم شالوم الواقعة إلى الجنوب الشرقي من قطاع غزة وعلى حدود مصر وإسرائيل. لكن نقل نقطة العبور إلى هناك سيضمن تواصل اعتماد غزة على إسرائيل لأنها ستبقى مسيطرة على الحركة بين مصر والقطاع.

تُرحّب السلطة الفلسطينية بوجود طرف ثالث لضمان العمل السلس، ونقل معبر رفح إلى السيطرة الفلسطينية بعد الإخلاء، ومراقبة الترتيبات الجمركية. وسوف يُشكّل هذا خطوة مهمّة نحو الاستقلال والنجاح المستقبلي لغزة وفلسطين، وخطوة مهمّة نحو السلام.

ما زالت إسرائيل ترفض المقترح الفلسطيني بمشاركة طرف ثالث في المراقبة، وهو مقترح يدعمه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

2. المطار

يوجد في قطاع غزة مطار قادر على الانفتاح على الناس والبضائع والأسواق في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وباقي العالم. لقد دمّر الجيش الإسرائيلي مدرج المطار، لكن من الممكن إصلاحه وتشغيله خلال أشهر بعد أن تُنهي إسرائيل إخلائها لغزة.

من أجل أن يعمل المطار بشكل كامل، يجب أن تتم فقط إعادة تعبيد المدرج ورفع مستوى نظام الرادار. حيث أن كافة الأنظمة الأخرى تعمل في المطار بشكل تام وتمّت صيانتها منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول 2000.
لقد رفضت إسرائيل إجراء أي بحث لإعادة فتح المطار. وبما أن إسرائيل ستواصل السيطرة على المجال الجوي لغزة، فسيتم منع الفلسطينيين من تطوير مشاريع اتصالات فضائية مستقلة ترتكز على الحقل الالكترومغناطيسي.

3. الميناء

لا يوجد في غزة حالياً ميناء يعمل وسيكون عليها مواصلة الاعتماد على الموانئ الإسرائيلية والمصرية في الفترة التي تلي "الانفصال".

بما أن إسرائيل قيّدت حرية الحركة بين غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وبما أن إسرائيل تُقيّد الحركة والتجارة بشكل كامل داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، قد يكون السوق الفلسطيني صغيراً جداً الآن على دعم ميناء يعمل بكامل طاقته. وإذا تمكّن الفلسطينيون والبضائع الفلسطينية من الحركة بحرية داخل الأراضي الفلسطينية ومع باقي دول العالم، سوف يُوفّر الميناء للفلسطينيين حرية الوصول الضرورية إلى الأسواق العالمية.

أشارت إسرائيل مؤخراً إلى أنها ستسمح للفلسطينيين ببناء ميناء. لكن بناء الميناء سيستغرق سنتين إلى ثلاث سنوات. كما أنه لن يقدّم فوائد ملموسة للاقتصاد الفلسطيني إلاّ بتلبية ثلاثة شروط:

  1. فتح الحدود الخارجية لغزة والضفة الغربية،
  2. رفع القيود عن حرية الحركة داخل الضفة الغربية، وخصوصاً مع القدس الشرقية،
  3. وأن تتم إقامة رابط إقليمي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

من الممكن أن يزوّد الميناء الفلسطينيين بفرصة ثمينة لبناء اقتصاد مستقل وأن يُشكّل خطوة مهمّة في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة. ولكن إذا لم يتمكّن الناس والبضائع من الوصول إلى الميناء، وإذا لم تتمكّن البضائع المستوردة والزائرون من الوصول إلى الأسواق الفلسطينية، فلن تكون هنالك فائدة للميناء.

4. الممر الآمن/الرابط الإقليمي

يُكّمل كل من قطاع غزة والضفة الغربية بعضهما البعض: يقع قطاع غزة على البحر ويمتلك احتياطاً كبيراً من الغاز الطبيعي، بينما لا تتمتّع الضفة الغربية بذلك. من ناحية أخرى فإن الضفة الغربية غنية بموارد المياه وتمتلك المساحة للتطور، بينما لا يتمتّع قطاع غزة بذلك. كما أن العاصمة المستقبلية لفلسطين وسوقها الواعد والأكثر أهمية، القدس الشرقية، وكذلك رام الله التي تضم المقر الحالي للحكومة الوطنية، كليهما تقعان في الضفة الغربية المحتلة. ولكي ينجح قطاع غزة يجب أن يحصل على حرية وصول فورية إلى الضفة الغربية، سوق القدس الشرقية، والمقر الحالي للحكومة الفلسطينية، والتي تحتاج كلها إلى حرية الوصول إلى غزة.

وإذا لم يتوفر ذلك فلن يستطيع الفلسطينيون بناء اقتصادهم أو المشاركة بحرية في هذه النشاطات الديمقراطية الأساسية كتنظيم الحملات داخل المناطق الفلسطينية.

لقد تم بحث عدد من المقترحات المتعلقة برابط إقليمي. وتنص بعض المقترحات على روابط منفصلة لقطار، وطريق، وتوفير منافع عامّة. وتضع بعض المقترحات كل الروابط الضرورية (الطريق السريع، المياه، الغاز، الكهرباء، الاتصالات، القطار، والرابط الجوي) في ذات المنطقة الجغرافية.

ومهما يكن الحل، فقد اعترف المجتمع الدولي وإسرائيل في اتفاقيات أوسلو بأن الضفة الغربية وقطاع غزة تمثّلان وحدة إقليمية واحدة. وهذا يعني ضمان الحركة الحرة للناس والبضائع بين جانبي الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أن يتم إقامة رابط إقليمي دائم بينهما.

إلى جانب ذلك، وضعت اتفاقيات أوسلو التفاصيل المحددة المتعلقة بإجراءات ومسالك "الممر الآمن" بين الضفة الغربية وقطاع غزة. في حين حسّنت إسرائيل وتُحسّن إمكانيات وصولها إلى مستوطناتها غير القانونية في كافة أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلاّ أنها لم تسمح أبداً بإقامة ممر آمن يعمل بصورة كاملة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

هنالك إقرار لدى الفلسطينيين بالارتباط الفعلي والمحتمل بين الضفة الغربية وقطاع غزة. كما يعترف الفلسطينيون بأنه لا يمكن إقامة رابط إقليمي شامل قبل أن تُنهي إسرائيل إخلاء قطاع غزة. وبناءاً عليه، يُطالب الفلسطينيون ببساطة بأن تُطبّق إسرائيل اتفاق الممر الآمن للناس والبضائع إلى أن يتم إكمال هذا الرابط الإقليمي، وهو ما رفضته إسرائيل إلى الآن.

5. الترتيبات الجمركية وسياسات الاستيراد ("بروتوكول باريس")

تُنظّم الترتيبات الجمركية وسياسات الاستيراد كيفية خروج ودخول البضائع إلى أرض معينة. تُشارك إسرائيل والسلطة الفلسطينية حالياً في شبه اتحاد جمركي يُعرف بإسم "بروتوكول باريس".

أوجد بروتوكول باريس، الذي وُقّع في عام 1994 وتمّت المصادقة عليه في عام 1995، "منطقة اتحاد جمركي" واحدة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا يعني جزئياً أن أية بضائع تدخل منطقة الاتحاد الجمركي ستخضع لرسوم وسياسة استيراد موحّدة، لكن ذلك لن ينطبق على البضائع التي تُشحن داخل منطقة الاتحاد الجمركي. وعلى سبيل المثال فإن الكمبيوتر الذي يُشحن إلى رام الله يخضع لرسم استيراد في مطار بن غوريون، لكنه لا يخضع لرسم إضافي عندما يُشحن من تل أبيب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبصورة مماثلة فإن الأثاث الذي يُشحن من غزة المحتلة إلى حيفا لا يخضع لرسوم استيراد أو تصدير عندما يدخل إلى إسرائيل.

عندما تمّت المصادقة على بروتوكول باريس اعتقد الفلسطينيون أنه سيفتح أسواقهم أمام العالم. وبما أن الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تمتلك مطاراً أو ميناءاً يعمل أو سيطرة على أية معابر حدودية، اعتمد الفلسطينيون على نقاط العبور الإسرائيلية (مثل ميناء أشدود أو مطار بن غوريون). وقد نصّ بروتوكول باريس على أن البضائع الفلسطينية ستتمتّع "بمعاملة تجارية واقتصادية مساوية" للبضائع الإسرائيلية في كافة نقاط العبور (ملحق 5، مادة 3، باب 13).

لكن من الناحية العملية لم يكن الأمر كذلك. فقد قامت إسرائيل باحتجاز البضائع الفلسطينية على نقاط العبور لأسابيع أو أشهر في بعض الأحيان. لذلك لجأ رجال الأعمال الفلسطينيون إلى استخدام وسطاء إسرائيليين لاستيراد وتصدير البضائع. وهذا يعني أن الرسوم التي تجبيها السلطة الفلسطينية تذهب إلى إسرائيل عبر الوسيط الإسرائيلي. إضافة إلى أن السلطة الفلسطينية تخسر العوائد المتأتية من الرسوم وتُصبح البضائع أيضاً أكثر كلفة، إذ يجب أن يدفع رجال الأعمال الفلسطينيون إلى الوسطاء الإسرائيليين لمتابعة البضائع الفلسطينية ممّا يزيد تكاليف المعاملات.

حتّى لو طُبّق بروتوكول باريس بصورة صحيحة، فمن الممكن أن يؤدي إلى اعتماد اقتصادي فلسطيني لا نهاية له على إسرائيل. يشترط البروتوكول دخول البضائع التي تُلبي المقاييس الإسرائيلية فقط إلى منطقة الاتحاد الجمركي. تتمتّع إسرائيل باقتصاد قوي ويبلغ عدد سكانها ضعف عدد سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة. لكن الناتج المحلي الإجمالي للأراضي الفلسطينية المحتلة مقارنة بإسرائيل هو 1/34. تعيش غالبية الفلسطينيين على 2.25 دولار أمريكي أو أقل في اليوم ممّا يعني أنهم لا يستطيعون شراء هذه البضائع.

تحصل إسرائيل حالياً على 95% من الصادرات الفلسطينية: لذلك يعتمد الفلسطينيون على إسرائيل ويُشكّلون سوقاً أسيرة لها. هذا الاعتماد بالغ الحدة لدرجة أن الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بلغ في عام 2004 نحو 3.2 بليون دولار أمريكي. مع ذلك يبلغ العجز التجاري للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل لوحدها 1.3 بليون دولار أمريكي. وعلى الرغم من القوة الشرائية الضعيفة للفلسطينيين، يدفع الفلسطينيون أعلى رسوم للكهرباء في العالم، وهي أعلى من الرسوم التي يدفعها جيرانهم الإسرائيليون الأكثر ثراءاً. والسبب في ذلك أن إسرائيل تحرم الفلسطينيين من تطوير مواردهم بشكل كاف أو المشاركة في الأسواق الدولية التنافسية.

ولأن بروتوكول باريس يُقيّد نوعية البضائع التي يستطيع الفلسطينيون استيرادها، ولأن إسرائيل تُقيّد وصول الفلسطينيين إلى الأسواق الداخلية والخارجية الذي يمكّن الفلسطينيين من تحسين الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة جداً (ومستقلة)، تقوم إسرائيل بإرسال بضائع ذات جودة منخفضة إلى الأسواق الفلسطينية. إن تعزيز هذا الاعتماد لا يخدم مصالح الاقتصاد الفلسطيني أو مصالح السلام.

يعتمد السلام العادل والدائم على قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، تعتمد الدولة على الاستقلال الاقتصادي. ومع أن بروتوكول باريس يحتوي على نواقص، الا أنه من الممكن أن يستفيد الاقتصاد الفلسطيني من التطبيق السليم له. حيث ستحصل السلطة الفلسطينية على الأموال وسيتمكّن رجال الأعمال الفلسطينيون مرة أخرى من المشاركة في التجارة الدولية. إضافة إلى ذلك، من الممكن أن يساعد بروتوكول باريس على تسهيل التجارة الفلسطينية الدولية إلى أن يتم فتح المطار والميناء في غزة، وإلى حين اكتمال بناء الرابط الإقليمي بين قطاع غزة والضفة الغربية وتشغيله بصورة كاملة.

لكن من دون أن يترافق تطبيق بروتوكول باريس مع وصول فلسطيني مستقل إلى الأسواق الداخلية والخارجية، ستبقى غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة تُعاني من أزمة إنسانية، تُذكي بدورها عدم الاستقرار السياسي.

6. حركة البضائع والناس داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة: تنزيل وتحميل البضائع (back-to-back) مقابل مرور الشاحنات عبر المعابر (door-to-door)

تُخطط إسرائيل بعد "الانفصال" لإبقاء القيود على حركة الناس والبضائع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبين أجزاء منها، ومع إسرائيل.

تفرض إسرائيل حالياً "نظام الإغلاق" في قطاع غزة والضفة الغربية. نظام الإغلاق هو عبارة عن شبكة من الطرق، ونقاط التفتيش، والسواتر الترابية، والحواجز التي تُقيّد الحركة الفلسطينية للمناطق الفلسطينية وبينها. عرّف البنك الدولي والمجتمع الدولي نظام الإغلاق بأنه سبب مباشر للأزمة الاقتصادية والإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يعني نظام الإغلاق أن على الفلسطينيين دائماً الحصول على تصاريح للسفر على الطرق الفلسطينية الموجودة بكاملها في الأراضي الفلسطينية، وهو يعني فرض قيود شديدة على الفلسطينيين في السفر والتجارة – حتى داخل الأراضي التي تكون كلها فلسطينية – بينما يتمتّع الإسرائيليون بحرية الوصول إلى المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أحد الأمثلة البارزة على نظام الإغلاق الذي تفرضه إسرائيل هو نظام "تنزيل وتحميل البضائع" (back-to-back). الذي يفرض بأن يقوم التجار الفلسطينيون بتنزيل بضائعهم في نقاط التفتيش الإسرائيلية ثم إعادة تحميلها في شاحنات جديدة على الجانب الآخر من نقطة التفتيش. ولا يقتصر فرض إسرائيل لنظام "تنزيل وتحميل البضائع" على نقاط التفتيش بين الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل بل يشمل أيضاً كافة نواحي التبادل التجاري بين المدن والقرى الفلسطينية.

لا تخضع البضائع الإسرائيلية، بما فيها تلك القادمة من المستوطنات غير القانونية، لنظام "تنزيل وتحميل البضائع". ولأن نظام تنزيل وتحميل البضائع يمكن أن يزيد تكاليف المعاملات للبضائع الفلسطينية بنسبة تصل إلى 100-200%، يمنح هذا الإجراء البضائع الإسرائيلية ميزة تنافسية غير عادلة على البضائع الفلسطينية في الأسواق الفلسطينية الأسيرة.
سيتم بعد "الانفصال" رفع نظام الإغلاق داخل قطاع غزة. لكن من المرجّح أن تبقى غزة مفصولة عن الضفة الغربية وباقي العالم. سوف تُواصل إسرائيل خلال وبعد "الانفصال" تطبيق نظام الإغلاق في الضفة الغربية، وخصوصاً داخل وحول القدس. 

تقوم إسرائيل حالياً بصورة أحادية الجانب ببناء شبكتي مواصلات منفصلتين في كل أنحاء الضفة الغربية: واحدة لاستعمال المستوطنين الخاص، وأخرى للفلسطينيين على شكل نظام من الطرق والأنفاق الملتوية. تُسهّل شبكة الطرق الخاصّة بالمستوطنين دمج كافة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية على جانبي الجدار بإسرائيل. والاستثناء الوحيد هو المستوطنات الأربعة المُخلاة في شمال الضفة الغربية.

يوجد لدى الفلسطينيين حالياً شبكة كافية من الطرق في الضفة الغربية، ولا يحتاجون إلى طرق وأنفاق جديدة، ولكن المشكلة هي أن إسرائيل تُقيّد حرية وصولهم إلى الطرق الفلسطينية التي يحق لهم استخدامها وفقاً للقانون الدولي. في حين أن مشروع البنية التحتية الكبير الذي تُقيمه إسرائيل في الضفة الغربية يمكن أن يُخفّف مؤقتاً الأزمة الإنسانية الفلسطينية عندما يكتمل، إلاّ أنه يضمن الاعتماد الفلسطيني التام على المجتمع الدولي على المدى الطويل. تعمل الطرق الاستيطانية على تفتيت الضفة الغربية، بينما تستولي المستوطنات والجدار على أفضل أراضي وموارد الضفة الغربية المحتلة لتصبح تحت تصرّف إسرائيل لوحدها. مما لا يترك مجالاً للفلسطينيين للتطور، ويمنع نشوء اقتصاد فلسطيني مستقل أو دولة فلسطينية قابلة للحياة، ويقضي على فرص إحلال السلام الدائم.

لقراءة تحليل مفصّل من 48 صفحة والخرائط المرفقة حول نشاطات إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة وكيف تؤثّر هذه النشاطات على فرص السلام، نرجو مراجعة ورقة الجدار الإسرائيلي، دائرة شؤون المفاوضات، 9 تموز 2005 في الموقع www.nad-plo.org، تم فحص الموقع آخر مرة في 24 تموز 2005.


هنالك شهادة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي كما نقلها ديفيد شيلبي في 30 حزيران 2005 في الموقع: http://www.usembassy.org.uk/midest645.html تم فحص الموقع آخر مرة في 14 آب 20! 

Back to top