خنق بيت لحم، اعاقة السلام

اوراق حقائق
كانون الثاني 01، 2005

"من غير المعقول ان تترك بيت لحم لتموت ببطء من الاختناق" - المطران دزموند توتو، 12005

ورقة حقائق

لقد كانت بيت لحم تاريخيا منارة لتعدد الثقافات والتعايش في الشرق الاوسط. كما كانت جزءا اساسيا من النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع الفلسطيني.

وقد ادى بناء الجدار العازل داخل بيت لحم وحولها والتوسع الاستيطاني الاسرائيلي المستمر, والسياسات الاسرائيلية الاخرى التي تستهدف عزل بيت لحم عن القدس الشرقية المحتلة الى تدمير اقتصاد بيت لحم النابض بالحياة وحول المدينة التاريخية الى غيتو اسمنتي. وقد استمر هذا بالرغم من قرار محكمة العدل الدولية في9 تموز 2004 الذي وصف الجدار وجميع المستوطنات الاسرائيلية بانها غير شرعية.

ان تحويل بيت لحم الى غيتو لا يدمر فقط المجتمعات القديمة ولكنه ايضا يعيق التطلعات الى سلام في الشرق الاوسط. وبسبب اهمية بيت لحم بالنسبة للقدس وروابطها التاريخية معها، يمكن ان يكون قتل بيت لحم اشارة الى بداية النهاية لحل الدولتين، اذ انه بدون القدس الشرقية لا يمكن ان تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة، وعليه لن يكون هناك سلام.

ورقة الحقائق هذه ترسم الخطوط العريضة للتهديدات الخطيرة التي تواجه بيت لحم، وبالتالي السلام القابل للحياة الان. ان الضرر الواقع على بيت لحم والقدس وحل الدولتين يمكن ان يتم منعه اذا تم اتخاذ اجراء مناسب الان.

للحصول على توضيحات لورقة الحقائق هذه , ارجو النظر الى الخارطة المرفقة بعنوان " خنق بيت لحم" المتوفرة في موقع www.nad-plo.org   >الذي تم تدقيقة اخر مرة في 22 كانون الاول 2005 <

1. فصل بيت لحم عن القدس

تقع مدينة بيت لحم على بعد 6 كيلو مترات فقط من البلدة القديمة من القدس. تاريخياً تشكل بيت لحم والقدس الشرقية ورام الله – التي تقع مباشرة الى الشمال من القدس – وحده اقتصادية ثقافية تعتمد على بعضها البعض وتعرف باسم القدس الشرقية الكبرى " المتروبولية" . كانت القدس الشرقية الكبرى تشكل 30 الى 40 % من جميع النشاطات الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة مجتمعين. ولكن هذه الوحدة المتروبولية اصبحت الان تتعرض للتجزئة من قبل الجدار والمستوطنات التي تعتبر غير قانونية في نظر القانون الدولي.

من اجل الحصول على تقرير يفصل الاستراتيجة الاسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة وما حولها، أرجو مراجعة مقال "الاسرائيليون يعملون على محاصرة القدس الشرقية" صحيفة واشنطن بوست، 7 شباط 2005 على موقع< www.washingtonpost.comwp-dynarticlesA3263-2005Feb6.html>
وكنتيجة للجدار الاسرائيلي والمستوطنات، لا يستطيع سكان بيت لحم الحصول على وظائف والوصول الى الاسواق والخدمات الاجتماعية والدينية وزيارة الاقارب في القدس الشرقية ولم يعد سكان بيت لحم المسيحيون والمسلمون يستطيعون ممارسة عباداتهم بحرية في الاماكن المقدسة في القدس كما كانوا يفعلون على مدى قرون سابقة. كما ان مجتمعات بيت لحم القديمة لم تعد تستطيع ان تؤدي الطقوس التقليدية بحرية مثل القيام بالمسيرة التقليدية من القدس القديمة حيث يعتقد ان السيد المسيح صلب ودفن قبل بعثه وصعوده الى السماء، الى كنيسة المهد حيث يعتقد ان السيد المسيح ولد.

عزل بيت لحم بالجدار والمستوطنات

لقد اصبح الجدارالاسرائيلي، الذي يتكون من قطع اسمنتية ترتفع ثمانية امتار مع اسلاك شائكة واسيجة وخنادق وابراج قناصة، جاهزاً تقريباً في منطقة بيت لحم. وبدلا من ان يتم بناؤه على الحدود الدولية المعترف بها مع اسرائيل- حدود 1967 – تقوم اسرائيل بانشائه في عمق محافظة بيت لحم بحيث يصل في احدى النقاط الى بعد 7 كيلو مترات داخل بيت لحم . كما ان مقاطع من الجدار تقتطع مناطق ماهولة من مدينة بيت لحم نفسها.

مدينة بيت لحم: ابتلع الجدار الاحياء الفلسطينية الواقعة حول قبر راحيل داخل حدود بلدية بيت لحم. وحسب تقرير لمكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية فان 72 مؤسسة تجارية من اصل 80 في هذه المنطقة تم اغلاقها او نقلها الى وسط المدينة ما بين حزيران 2002 و تشرين الاول 2004 .

محافظة بيت لحم: يفصل الجدار بيت لحم عن اراضيها الزراعية الواقعة الى الغرب. ففي هذه المنطقة يدخل الجدار مسافة 7 كيلو مترات داخل محافظة بيت لحم من اجل الضم الفعلي لكتلة عتصيون الاستيطانية، ويستولي بذلك على 77,3 % مما يتبقى من الاراضي الزراعية للقرى الغربية بالاضافة الى مصادر المياه التي تخدم تاريخيا جميع اقليم القدس. كما تضم هذه المنطقة معظم المساحة المتبقية في بيت لحم للتطوير واحتياطي الطبيعة فيها. وكنتيجة لذلك ستبقى بيت لحم محصورة بشكل كبير بمنطقتها الحضارية ومحرومة من المصادر المائية والزراعية الضرورية وبدون مساحة مناسبة للنمو الطبيعي والتطور. وهذا يعني ايضا ان اهالي بيت لحم لن يكون لديهم متنزه حقيقي احتياطي طبيعي لياخذوا ابناءهم الية.

معبر: في 15 تشرين الثاني 2005 فتحت اسرائيل معبراً جديداً لفرض المزيد من القيود على الحركة بين بيت لحم والقدس. وكغيره من المعابر التي يتم بناءها في المناطق الفلسطينية المحتلة يشبه معبر بيت لحم المعابر الحدودية الدولية على الرغم من كونه يقع داخل حدود بلدية المدينة. فهو يقع على بعد كيلو مترين الى الجنوب من حدود 1967 . وتقول مجموعة الرقابة الفلسطينية نقلا عن وزارة الخارجية الاسرائيلية ان تكلفة كل معبر جديد تقدر بما بين 120 – 170 مليون شيكل ( نحو 26 – 37 مليون دولار) .

وحسب مجموعة الرقابة الفلسطينية فانة من اجل مغادرة بيت لحم يجب على السائحين وركاب المركبات الخاصة الدخول عبر ما مجموعه 4 ابواب دوارة وبابين الكترونيين لرصد العادن وممر دوار لعبور السياج. وهناك الآن بوابة حديدية بطول 8 امتار وارتفاع 6 امتار لتنظيم عبور المركبات بين بيت لحم والقدس.

توسيع المستوطنات وبناء الطرق الخاصة بالاسرائيليين

جميع مستوطنات منطقة بيت لحم تقريباً يتم توسيعها الان، غالباً على اراضي يمتلكها فلسطينيون. هذه المستوطنات والطرق الخاصة بالاسرائيليين والتي تعمل بحد ذاتها كعوائق لحرية الحركة والتطوير، تحيط ببيت لحم من جميع الجهات. وهناك طريق جديدة للاسرائيليين فقط تربط كتلة تقوع الاستيطانية ( المبنية على الجانب الفلسطيني من الجدار) بالقدس وهي في مراحل الانشاء الاخيرة. وتقطع هذه الطريق وسط بيت ساحور الى شرق بيت لحم لضمان ان المنطقة الحضرية من بيت لحم  ستكون محاطة بشكل كامل بالمستوطنات والجدار والطرق الالتفافية الخاصة بالاسرائيليين فقط.

جبل ابو غنيم ( هار حوما ) ومنطقة الاتصال الجغرافية الاخيرة بين بيت لحم والقدس ( المنطقة 13 )

يقع جبل ابو غنيم ضمن ما تعتبر اسرائيل منطقة بلدية القدس، ولكن الولايات المتحدة وبقية المجتمع الدولي يعتبرونه اراضي محتلة. لا توجد احصائية معتمدة عن عدد الوحدات السكنية الجديدة التي يتم بناءها حالياً في جبل ابو غنيم بالرغم من ان الادلة المصورة توثق بناء العشرات من الوحدات الجديدة في هذه المستوطنة غير الشرعية. والرابط الجغرافي الاخير بين القدس وبيت لحم عبارة عن منطقة مفتوحة الى الشرق من جبل ابو غنيم بالقرب من منطقة التوسع المخطط له للمستوطنة. هذه الاراضي التي تقع ضمن خطة التطوير البلدي لبيت ساحور هي اراض مملوكة بشكل خاص لفلسطينيين في المنطقة المعروفة ب " منطقة 13 " . وتمثل هذه المنطفة الرابط الجغرافي الاخير بين بيت لحم والقدس الشرقية المحتلة. وقد كانت بيت لحم والقدس تاريخيا تعتمدان على بعضهما اقتصاديا وثقافيا وتكملان بعضهما البعض في الاسواق التجارية وتقديم الخدمات الاساسية.

2. اغلاق بيت لحم مع نظام الاغلاق

ان  نظام اسرائيل "للاغلاق الداخلي" هو عبارة عن نظام من نقاط التفتيش العسكرية الاسرائيلية واغلاقات الطرق والطرق الخاصة بالاسرائيليين والتصاريح التي تزيد من تقييد حركة الفلسطينيين بين تجمعاتهم السكانية الموجودة  داخل الضفة الغربية المحتلة. ويقول البنك الدولي ان نظام الاغلاق هو السبب المباشر للازمة الانسانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة وتشير احصائيات جديدة الى ان اكثر من نصف الفلسطينيين يعيشون على 2,20دولار يوميا او اقل بالرغم من قيامهم بدفع فواتير باهظة للكهرباء والغاز بسبب السيطرة الاسرائيلية على المصادر والتجارة.

التصاريح: مثل جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية, يحتاج اهالي بيت لحم للحصول على تصاريح من الجيش الاسرائيلي للوصول الى القدس. هذه التصاريح صعبة الحصول ومكلفة مالياً ولا تحظى بالتقدير دائما. سكان بيت لحم الذين لهم اراض او وظائف عمل او مدارس او خدمات مستشفيات او اقارب على الجانب الاخر من الجدار يجب ان يتقدموا بطلبات من التصاريح. وخلال السنوات الخمس الاخيرة، سجل تدفق الناس والبضائع بين بيت لحم والقدس مستويات منخفضة. كما يجب على سكان بيت لحم الحصول على تصاريح لاخراج سياراتهم الخاصة او شاحناتهم  الى الطرق الواقعة خارج بيت لحم ، مما يزيد تكاليف النقل ويعيق اعادة تاهيل الاقتصاد. وفوق هذا كله فان السفر بين التجمعات السكانية الفلسطينية داخل الضفة الغربية يصعب جدا التكهن به بسبب نقاط التفتيش العسكرية المفاجئة او الطيارة التي توقف فقط السيارات الفلسطينية ذات لوحات الترخيص الخضراء وليس سيارات المستوطنين ذات لوحات الترخيص الصفراء. ولهذا فان الرحلة من بيت لحم الى رام الله التي كانت في الماضي تستغرق 35 دقيقة عندما كان سكان بيت لحم يستطيعون قيادة سياراتهم عبر القدس, اصبحت الان تحتاج الى ست ساعات في أي يوم عادي.

وادي النار: بالاضافة الى منعهم  من الوصول الحر الى القدس الشرقية، لا يستطيع سكان بيت لحم الانتقال الى أي اجزاء اخرى من الضفة الغربية او قطاع غزة وبدلاً من ان يتمكنوا من الاستخدام الحر لشارع رقم 60 –الذي يربط تاريخيا  بين الشمال والجنوب الذي اصبح الآن يستخدم فقط من قبل المستوطنين الاسرائيليين – يضطر سكان بيت لحم لسلوك طريق بديلة تعرف باسم " وادي النار" التي كانت في الماضي طريق امدادات عسكرية بريطانية، وهي شديدة الانحدار ومتعرجة ومعروف انها خطرة جدا. وحسب المخططات الاسرائيلية فان طريق وادي النار ستصبح الرابط الوحيد للفلسطينيين بين شمال الضفة الغربية وجنوبها والذي يتجنب القدس الشرقية كليا.

3. دفع الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين الى الرحيل

ان التجزيء والتفتيت المتواصل للقدس الشرقية المتروبولية يهدد بشكل وشيك قابلية الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات الاسلامية والمسيحية الاصلية في القدس الشرقية. كما ان المجتمع المسيحي في بيت لحم يتعرض لخطر وشيك. ففي الوقت الذي بقي نحو 20000 مسيحي في منطقة بيت لحم. تقول بلدية بيت لحم ان اكثر من 400 عائلة مسيحية غادرت المدينة خلال السنوات الاربع والنصف الماضية وحدها . وتقول العائلات المسيحية بشكل عام انها ترحل بسبب الاوضاع الاقتصادية البائسة  والنشاطات العسكرية الاقتصادية.

Back to top