مصادرة إسرائيل المتواصلة للأراضي في القدس:تطبيق إسرائيل لقانون أملاك الغائب

اوراق حقائق
كانون الثاني 01، 2005

"اعتبرت أملاك هؤلاء الناس دائماً أملاك غائب، لكن طالما لا يوجد جدار بإمكان هؤلاء الناس الوصول إلى ممتلكاتهم، ومن وجهة نظرهم كان كل شيء على ما يرام. لقد بدأ الجدار بفرض كل أنواع القوانين مثل قانون أملاك الغائب أو قانون دخول إسرائيل الذي لا يسمح لسكان المناطق بدخول القدس" – مصدر قضائي إسرائيلي غير معروف1

معلومات أساسية

قانون أملاك الغائب الإسرائيلي

أكّدت الحكومة الإسرائيلية مؤخراً أنها تبنّت قراراً صادراً للشروع بتطبيق قانون أملاك الغائب الإسرائيلي ليشمل الممتلكات المحجوزة في القدس الشرقية المحتلة2.

لقد تم سن قانون أملاك الغائب في عام 1950 في محاولة لإضفاء الصفة القانونية على سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في ما أصبح إسرائيل. يمنح القانون الوصي الإسرائيلي على أملاك الغائب "الحق" في الاستيلاء، والإدارة، والسيطرة على الأرض التي يملكها أشخاص يتم تعريفهم "كغائبين".

"الغائب" هو أي فلسطيني رحل في الفترة من 29 تشرين ثاني 1947 إلى 18 أيار 1948 عن تلك الأقسام من فلسطين التي أصبحت إسرائيل (أي اللاجئين الفلسطينيين)3. تم في آخر الأمر تحويل الأراضي الفلسطينية التي تم الاستيلاء عليها وفقاً لهذا القانون بعد عام 1948 من الوصي إلى سلطة التطوير الإسرائيلية أو الصندوق الوطني اليهودي واستخدمت لتوطين اليهود فقط. بعبارة أخرى، أضفى القانون "الصفة القانونية" على مصادرة الممتلكات الفلسطينية في ما يُعرف الآن بإسرائيل، وحوّل تلك الأرض لاستخدام اليهود فقط، وتم دفع القليل أو لا شيء من التعويض للمالكين الفلسطينيين الأصليين.

إن تطبيق إسرائيل للقانون على القدس الشرقية المحتلة سيسمح لها بالإعلان عن أية ممتلكات فلسطينية في القدس الشرقية يقطن أصحابها في الضفة الغربية، وقطاع غزة، أو أي بلد عربي بأنها "متروكة"، وبذلك فتح الطريق أمام مصادرتها وتطويرها للاستخدام الإسرائيلي فقط من دون دفع أية تعويضات لمالكيها الفلسطينيين.

كما ينتهك تطبيق قانون أملاك الغائب بصورة صارخة خارطة الطريق التي تنص على أن حكومة إسرائيل سوف لن تُصادر ممتلكات ومنازل الفلسطينيين.

القدس الشرقية المحتلة وقانون أملاك الغائب

وسّعت إسرائيل بصورة أحادية الحدود البلدية للقدس الشرقية من ستة كيلومترات مربّعة إلى 70 كيلومتر مربّع بعد احتلالها لها في عام 1967، وبسطت القانون الإسرائيلي على منطقة "بلدية القدس" الموسّعة حديثاً. أعلن قرار مجلس الأمن رقم 465 أن بسط القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية ورسم حدودها الموسّعة غير قانونيين.

مع أن تطبيق القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية في عام 1967 عنى أن بنود قانون أملاك الغائب أصبحت الآن نافذة، واصلت الحكومة الإسرائيلية من عام 1967 إلى عام 2004 السماح للفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة باستخدام وتحويل ملكية ممتلكاتهم في القدس الشرقية كما عملوا قبل عام 19674. لكن الحكومة الإسرائيلية حظرت على مالكي الأراضي من الضفة الغربية تسجيل أراضيهم التي تقع داخل حدود بلدية القدس كما تُعرّفها إسرائيل في سجل الأراضي الإسرائيلية (الطابو). نتيجة لذلك، تُركت الأرض في فراغ قانوني.

آثار تطبيق قانون أملاك الغائب الإسرائيلي على القدس الشرقية

مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية

يأتي القرار الآن بإدخال تطبيق قانون أملاك الغائب الإسرائيلي حيز التنفيذ، وفقاً لكثير من المحللين، نتيجة لبناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة. تستطيع إسرائيل الآن بتنفيذ قانون أملاك الغائب مصادرة الأرض الواقعة إلى الغرب من الجدار وعدم دفع أية تعويضات لمالكيها الفلسطينيين.

لا تُعرف مساحة الأراضي المتأثرة بتطبيق قانون أملاك الغائب لأن الحكومة الإسرائيلية استولت على سجلاّت كل الأراضي الفلسطينية المستأجرة في القدس عندما أغلقت بيت الشرق في آب 2001. لكن توجد المعلومات التالية عن استخدام الأراضي في القدس الشرقية:

  • صودرت 43.5% من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية واستخدمت لبناء المستعمرات الإسرائيلية فقط.
  • أُعلنت 41% من الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية "منطقة خضراء"، وهي بذلك تخضع لقيود بناء مشددة وضعتها الحكومة الإسرائيلية.
  • يُسمح للفلسطينيين باستخدام 12.1% فقط من مساحة القدس الشرقية. نصف هذه الأراضي (6% من مجموع مساحة القدس الشرقية) هي أملاك "غائب"، وبذلك من الممكن مصادرتها وفقاً للقانون الجديد.
  • يتم استخدام 3.4% من مساحة القدس الشرقية للمرافق العسكرية الاسرائيلية، والطرق وغير ذلك من البُنى التحتية الإسرائيلية.

فيما يتعلّق بأراضي "المنطقة الخضراء"، تتلاعب الحكومة الإسرائيلية بقانون عثماني قديم ينص على أن الأراضي التي لا تتم فلاحتها لمدة ثلاث سنوات يمكن مصادرتها من قبل الدولة وإعلانها "أراضي دولة". بوجود القيود الإسرائيلية الحالية على الحركة الفلسطينية وبناء الجدار، يواجه المزارعون الفلسطينيون صعوبات جمّة في الوصول إلى أراضيهم. نتيجة لذلك، تواجه كل أراضي هذه "المنطقة الخضراء" خطر المصادرة، وليس فقط المساحة التي يملكها أصحاب الأراضي "الغائبون". وبذلك يكون الفلسطينيون يستخدمون ما مساحته 7% من القدس الشرقية على إثر هذا الإجراء الأخير.

التدمير الاقتصادي

حظرت إسرائيل منذ تشرين أول 2001 على فلسطينيي الضفة الغربية العمل في القدس. لذلك عاد الفلسطينيون الذين عملوا سابقاً في قطاع الخدمات إلى فلاحة أرضهم كمصدر بديل للعيش. لقد تعرّض اقتصاد الضفة الغربية للدمار منذ عام 2001 ولا توجد أعمال بديلة. لذلك فإن مصادرة الأراضي التي يفلحها الفلسطينيون هي قضاء على آخر وسيلة عيش متوفّرة للفلسطينيين من دون الحاجة إلى مساعدات.

من الممكن التنبؤ بنتائج هذا الإجراء الإسرائيلي على المدى المتوسط والبعيد. هذه الأرض التي تُستخدم حالياً للعيش الكفاف من قبل السكان الفلسطينيين المحليين هي أيضاً بمثابة الاحتياط للنمو الطبيعي المستقبلي. ستزيد الكثافة السكانية بصورة كبيرة من دون وجود موارد أراضي كافية، كما في قطاع غزة، ومن دون وجود أعمال ومرافق سيزيد الفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

التوسّع الاستعماري الإسرائيلي الأكبر وبناء الجدار

إن تطبيق إسرائيل لقانون أملاك الغائب هو جزء من خطة الحكومة الإسرائيلية الأوسع لضم المواقع التاريخية وأراضي الحقول الخضراء في القدس الشرقية إلى إسرائيل، بينما يتم ترك المناطق السكنية الفلسطينية على الجانب الآخر من الجدار. يجب أيضاً أن يتم النظر إلى ذلك في السياق الأوسع لكافة الإجراءات الإسرائيلية الأخرى لفرض نتيجة الوضع النهائي على القدس قبل الحل التفاوضي، بما في ذلك بناء وتوسيع المستعمرات التي يقطنها الإسرائيليون فقط، وبناء الطرق التي يستخدمها الإسرائيليون فقط عبر وحول القدس الشرقية، ومحاولة القطع التام للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين القدس الشرقية وبقية الضفة الغربية.

التوسّع الاستعماري المتواصل

يتزامن تطبيق قانون أملاك الغائب لمصادرة آلاف الدونمات مع خطط الحكومة الإسرائيلية لتوسيع كتل المستعمرات الإسرائيلية الواقعة إلى الجنوب من القدس لربطها بصورة أكثر مباشرة بالقدس الغربية. هنالك خطط لبناء مستعمرتين إسرائيليتين جديدتين على الأرض المخصّصة للمصادرة حول قريتي الولجة وخربة مزمورية الفلسطينيتين (إلى الشرق من هارحوماة). ستُسهّل الأراضي المصادرة أيضاً توسّع مستعمرتي غيلو وهارحوماة. ستعمل كل هذه المستعمرات معاً على بسط السيطرة الإسرائيلية على الطرق والأراضي التي تؤدي إلى الجنوب نحو كتلة عتصيون الاستيطانية. هناك ثلاثة آثار عملية للتوسّع الاستعماري:

  1. تدعيم السيطرة الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية في جنوب غرب القدس.
  2. منع النمو الطبيعي للقدس الشرقية الفلسطينية حتى بيت لحم.
  3. ومحاولة دمج كتلة عتصيون الاستعمارية بالقدس الغربية.

تواصل بناء الجدار

برز الجدار كحد سياسي دائم وليس كإجراء أمني مؤقّت على الرغم من النفي الإسرائيلي. لقد رأى فلسطينيو الضفة الغربية الذين يملكون أراضٍ داخل حدود بلدية القدس كما تُعرّفها إسرائيل كيف تُصادر الحكومة الإسرائيلية أراضيهم من دون دفع أية تعويضات. على سبيل المثال، يقع فندق كليف في القدس الشرقية المحتلة ضمن"الحدود البلدية" التي وضعتها إسرائيل. تم مؤخراً إعلام مالك الفندق، وهو فلسطيني من أبو ديس، بأن الحكومة الإسرائيلية أعلنت بأنه "غائب" وأن الوصي الإسرائيلي صادر فندقه الذي يساوي أكثر من ثلاثة ملايين دولار أمريكي5. كان الجدار حافزاً لهذا الاستيلاء: دعّمت إسرائيل ببناء الجدار سيطرتها على "القدس البلدية" التي وسعّت حدودها بصورة أحادية واستولت على آلاف الدونمات من الأراضي. يُظهر هذا الاستيلاء على الأراضي بأن الجدار هو حد سياسي وأن الحكومة الإسرائيلية لا تنوي أبداً إعادة الأراضي التي عزلها الجدار كما حصل بشأن الأراضي في إسرائيل التي تعود ملكيتها للاجئين الفلسطينيين. 

الإجراء المطلوب

إن قرار الحكومة الإسرائيلية بتطبيق قانون أملاك الغائب على القدس الشرقية هو انتهاك لأنظمة لاهاي ومعاهدة جنيف الرابعة. وسوف ينتج عن تطبيق قانون أملاك الغائب الذي أصدرته إسرائيل عمليات مصادرة واسعة للممتلكات في الأراضي المحتلة، والتي لا تُبرّرها الضرورة العسكرية. إن هذه المصادرات وفقاً للمادة 147 من معاهدة جنيف الرابعة هي انتهاك خطير للمعاهدة. يخضع الأشخاص الذين يوجهون الأوامر أو يرتكبون انتهاكات خطيرة لعقوبات جزائية في القانون الدولي. بناءاً عليه، يجب على كافة الدول الأطراف في المعاهدة الاحتجاج على قرار الحكومة الإسرائيلية هذا باعتبار أنه لا يتوافق مع القانون الدولي.

كما دعت محكمة العدل الدولية إسرائيل في الرأي الاستشاري الذي أصدرته بتاريخ 9 تموز 2004 لأن توقف على الفور بناء الجدار: "ويجب القيام فوراً بإلغاء وإبطال القوانين واللوائح

المعتمدة توطئة لتشييده (الجدار) وإرساء النظام المرتبط به"6. ودعت أيضاً كل الدول الأطراف لضمان التزام إسرائيل بالقانون الإنساني الدولي كما جسّدته معاهدة جنيف7.

يجب أن يعمل المجتمع الدولي الآن لضمان عدم استمرار إسرائيل في انتهاكاتها للقانون الدولي. إن احترام القانون الدولي هو الذي سيضمن فقط تحقيق حل تفاوضي عادل للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. في حين سيعمل تجاهل هذا القانون على استمرار الصراع.

  • 1. استشهد بهذا الكلام في كتاب ميرون رابورت "لوردات الأراضي"، مجلة هآرتس، 21 كانون ثاني 2005 في صفحة 10.
  • 2. تم اتخاذ القرار بصورة سرية في 8 تمّوز 2004، وتم الكشف عنه في 20 كانون ثاني 2005 في إحدى الجرائد الإسرائيلية. اتخذ القرار بالتوافق بين المدعي العام الإسرائيلي ورئيس الوزراء. ذات المصدر السابق في صفحة 8.
  • 3. تم اتخاذ القرار بصورة سرية في 8 تمّوز 2004، وتم الكشف عنه في 20 كانون ثاني 2005 في إحدى الجرائد الإسرائيلية. اتخذ القرار بالتوافق بين المدعي العام الإسرائيلي ورئيس الوزراء. ذات المصدر السابق في صفحة 8.
  • 4. أصدر المدّعي العام الإسرائيلي مئير شامغار في عام 1968 قراراً بأن سكان الضفة الغربية يمكنهم المطالبة باملاكهم غير المنقولة في القدس في أي وقت يشاؤون. أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين إصدار هذا القرار في عام 1993.
  • 5. حاشية 1 أعلاه.
  • 6. "النتائج القانونية لبناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، 9 تموز 2004، فقرة 151، صفحة 54.
  • 7. ذات المصدر السابق فقرة 159 صفحة 56.
Back to top