من تخدع إسرائيل؟: ثغرات في التجميد الكامل للمستوطنات: من "النمو الطبيعي" إلى "البناء العمودي، وليس الأفقي"

اوراق حقائق
تشرين الأول 27، 2015

ورقة حقائق

سعت إسرائيل مراراً وتكراراً إلى وضع صيغ تستطيع بموجبها مواصلة بناء المستوطنات بينما تظهر وكأنها تقيّد النشاط الاستيطاني. منذ دعوة تقرير ميتشل إلى "تجميد كافة النشاطات الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي"، أدى البحث عن صيغة تسمح لإسرائيل بمواصلة بناء المستوطنات بينما تظهر بأنها ملتزمة بتقرير ميتشل الى نشوء عدد من الثغرات في التجميد التام للاستيطان. فيما يلي بعض الثغرات التي تسعى إسرائيل لإيجادها:

1. النمو الطبيعي

"النمو الطبيعي" عبارة ملائمة سياسياً ابتدعتها إسرائيل لإخفاء جهودها "لتوسيع" مستوطناتها.

  • النمو الاستيطاني ليس "طبيعياً". تُشجّع سياسة إسرائيل الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال معونات حكومية مكثّفة وسخيّة. شجّعت الحكومات الإسرائيلية نشاط الهجرة إلى المستوطنات من خلال حوافز متعددة تشمل، من ضمن أشياء أخرى، مِنح الأعمال والإسكان، الرهن العقاري المدعوم، التعليم المجاني و7% إعفاء ضريبي على الدخل.
  • 60% من البناء الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتم بتمويل حكومي، مقارنة بـ 25% داخل إسرائيل.
  • بسبب الحوافز المالية وغيرها، فإن نسبة النمو السكاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تشمل الولادات، والهجرة وعوامل أخرى مثل طلب السوق هي حوالي 3-4 مرات أكبر منها داخل إسرائيل (8-10% مقارنة بـ 2-3%).
  • وحتّى إذا استمرت إسرائيل في الحفاظ على نسبة النمو الطبيعي المدعومة لديها، بإمكان إسرائيل تجميد البناء لمدة 2-5 سنوات، وسيطلب منها هدم شقق بسبب وجود الكثير من الوحدات الفارغة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويُقدّر بأن هناك نحو 10.000 إلى 20.000 وحدة سكنية فارغة في المستوطنات.

أدى اتفاق عام 1992 بين رئيس الوزراء الإسرائيلي رابين والحكومة الأمريكية، الذي وافقت إسرائيل بموجبه على اقتصار توسيع مستوطناتها على "النمو الطبيعي"، الى ظهور نتج عنه نِسَب غير مسبوقة من البناء والنمو في المستوطنات. لقد كانت النسبة التي قدّمها رابين أعلى من النسبة التي حققتها الحكومة الإسرائيلية خلال 26 سنة من الاحتلال.

ووفقاً لهذه الاتفاق، استخدم رئيس الوزراء نتنياهو "النمو الطبيعي" لزيادة أعداد الوحدات السكنية بنسبة 100% في عام 1998 إلى 4,210 وحدات سكنية وهو أكبر عدد منذ كان أريئيل شارون وزيراً للإسكان في عام 1991-1992.

وبالسير على خطى سلفه، أقرّ رئيس الوزراء باراك خطة نتنياهو المتضمّنة بناء 11,000 شقة جديدة وأصدر عطاءات لحوالي 2.511 وحدة سكنية.

وبشكل تراكمي وكنتيجة لسياسة "النمو الطبيعي" هذه، ضاعفت إسرائيل منذ عام 1992 أعداد سكان المستوطنات في الضفة الغربية، باستثناء التوسّع الذي حدث في القدس الشرقية، إلى 200,000 مستوطن وصادرت حوالي 215,700 دونم (حوالي 54,000 آكر).

وتضاعفت أعداد مستوطنات مثل بيتار إيليت، ميتزبي راحال وغيفعات زئيف وغيرها أكثر من ثلاث مرّات من حيث المساحة الجغرافية منذ عام 1993.

2. لا مستوطنات جديدة

  • لا تحتاج إسرائيل لبناء مستوطنات جديدة لتلبية حاجاتها. يبدوا أن حكومات العمل والليكود السابقة أقرّت كافة الخطط الكبرى للمستوطنات. ويمكن أن تكون الخطة الكبرى لإحدى المستوطنات أكبر بعدة مرّات من المنطقة الحالية المبنية للمستوطنة. نتيجة لذلك، بإمكان إسرائيل بناء – وقد بنت فعلاً – وحدات سكنية جديدة ضمن هذه الخطط الكبرى والادّعاء بأن هذه الوحدات لا تُشكّل مستوطنات "جديدة".
  • المواقع الاستيطانية (الكرافانات) ليست مشمولة بهذا الاقتراح، ويمكن أن تكون الأساس لتوسّع مستقبلي لأية مستوطنات موجودة أو لأية نشاطات استيطانية ضارّة. تعتبر إسرائيل هذه المواقع "أحياء جديدة".وقد أقامت حكومة شارون حتى اليوم حوالي 15 موقعاً لكرافانات جديدة معظمها يبعد أكثر من 700 – 1500 متر عن "المستوطنة الأم".

3. "لا مزيد من مصادرة الأراضي" أو "لا مصادرة أراضي جديدة للبناء"

  • لا يُميّز هذا الاقتراح بين التجريد من الملكية/نزع الملكية (expropriation) ومصادرة الممتلكات/الاستيلاء على الممتلكات (confiscation). من خلال أوامرها العسكرية، قامت إسرائيل بنزع ملكية كل أو معظم الأراضي التي تسعى للحصول عليها لبناء مستوطناتها وطرقها الالتفافية. لكنها لم تُطبّق بعد هذه الأوامر من خلال المصادرة والاستيلاء. ومع أن هذا الاقتراح يدل ضمنياً على أنه لن يتم الاستيلاء على أية أراضي أو تدمير أية منازل أو حقول زراعية، من الممكن أن يتواصل هدم المنازل ومصادرة الأراضي.
  • قد لا يشمل هذا الاقتراح الأراضي التي تُعلنها إسرائيل "أراض مهجورة" أو "أراضي دولة". ووفقاً لقوانين الاحتلال الإسرائيلي، من الممكن الإعلان عن الفلسطينيين الذين غادروا منطقة الضفة الغربية قبل، أو خلال أو بعد حرب عام 1967 كأشخاص غائبين، ومن ثم الإعلان عن أراضيهم أنها أراض "مهجورة". ووفقاً للقوانين غير الشرعية للاحتلال الإسرائيلي، يتم الإعلان عن الأراضي الفلسطينية التي لم تكن مسجّلة تحت ملكية خاصّة منذ عام 1967 كأراضي دولة. مما يسمح لإسرائيل بأن تُواصل منع استخدام الفلسطينيين لأراضيهم غير المسجّلة بإعلانها أراض مهجورة أو باستثناء أراضي الدولة في هذا الاقتراح.
  • بإمكان إسرائيل زيادة أعداد سكان المستوطنات والاستمرار في البناء بشكل كبير حتى لو قصرت البناء على الخطط الكبرى التي يجري تنفيذها حالياً في المستوطنات. فالمناطق المبنية، بما في ذلك المستوطنات في القدس الشرقية، تشكل حوالي 1.6 – 2% من كامل الضفة الغربية. حيث أن الخطط الكبرى للمستوطنات الموجودة تفوق كثيراً هذه النسبة.
  • وفقاً لهذا الاقتراح، بامكان إسرائيل نزع ملكية الأراضي (expropriate land) لغرض مواصلة بناء طرقها الالتفافية التي يبلغ طولها 400 كيلو متر. وقد أعلنت حكومة شارون مؤخراً عن خطط لبناء شارع الطوق (Ring Road) حول القدس الشرقية.
  • وفقاً لهذا الاقتراح، بامكان إسرائيل مواصلة نزع ملكية الأراضي أو منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم على أساس توفير "الأمن" لمستوطناتها.
  • هذا الاقتراح قد لا يستثني الأراضي التي استولى عليها المستوطنون لأغراض زراعية حيث لا تكون هناك حاجة للبناء.

4. البناء عمودياً، وليس أفقياً

ان أي نمو إضافي في أعداد السكّان يُساهم في "خلق حقائق على الأرض" تؤثر على محادثات الوضع النهائي. إضافة إلى ذلك فإن الزيادة في أعداد المستوطنين تتطلب حاجات بنية تحتية إضافية مثل الطرق والكهرباء وإمكانية الوصول إلى موارد مياه كافية. وستأتي محاولة تلبية هذه الحاجات للمستوطنين على حساب الحاجات والموارد الفلسطينية الضرورية للتطور المستقبلي.

Back to top